المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

163

وإن فُرِض الأمران طوليّين استقلاليّين وإن جُعِلا بجعل واحد، فيكون حالهما حال الوجوبين الطوليّين الاستقلاليّين في «صدّق العادل» المجعولين بجعل واحد، ورد عليه: أنّ هذا وإن كان هناك مجال لتصويره ثبوتاً، فكما أنّه في باب «صدّق العادل» صحّ ذلك من باب: أنّ المولى وجد جامعاً بين الواجبين وهو عنوان تصديق العادل، وجامعاً بين الموضوعين وهو عنوان الأثر الشرعيّ، فقال: «صدّق العادل» فيما له أثر شرعيّ، وانحلّ ذلك في مرحلة الفعليّة إلى وجوبين طوليّين، كذلك يمكن أن يفترض في المقام جامع بين الواجبين، وهما: الفعل وقصد الامتثال، وجامع بين الموضوعين، وهما: ما يمكّنه من الفعل ونفس الأمر الأوّل الذي يمكّنه من قصد الأمر، فأوجب المولى ذلك الجامع بنحو مطلق الوجود، فكان ذلك من قبيل: «صدّق العادل»، وتصوير ذلك هو أن يقال: إنّ المولى يشير إلى مجموعة الأجزاء والشرائط بما فيها قصد الأمر، ويقول بنحو مطلق الوجود: «أوجبت عليك ما هو مقدور لك من هذه الاُمور»، وبهذا يجب أوّلاً بالوجوب الفعليّ باقي الأجزاء والشرائط غير قصد الأمر؛ لكونها مقدورة للمكلّف بمجرّد الصحّة البدنيّة مثلاً، وفي طول وجوب ذلك يصبح قصد الأمر مقدوراً له، فيجب عليه.

إلّا أنّ هذا مجرّد تصوير ثبوتيّ وليس له أيّ انطباق على واقع الفقه، ومقصود المحقّق العراقيّ (رحمه الله)ليس مجرّد إثبات إمكانيّة أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر ثبوتاً ولو بصياغة غير منطبقة على واقع الفقه؛ فإنّ المحقّق العراقيّ (رحمه الله) إنّما بحث هذا البحث لأجل التوصّل إلى نتيجة عمليّة متوخّاة منه، وهو إثبات التوصّليّة لدى الشكّ بأصالة الإطلاق، ببيان: أنّه إذا أمكن التقييد بقصد القربة، فعدم التقييد دليل التوصّليّة، وهذا ـ كما ترى ـ إنّما يكون بفرض صورة قابلة للانطباق على واقع فقهنا، وإلّا فلا ثمرة عمليّة لذلك، ومن الواضح: أنّ الصورة التي ذكرناها لا تنطبق على ألسنة الأدلّة والجعول الشرعيّة، وإنّما هي مجرّد فرض لا واقع له، وإنّما الواقع