المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

172

لقصد الأمر، فالمتلازمان وإن استحال تفكيك أحدهما عن الآخر، ولكن فرض المحال ليس بمحال، فنقول: لو فرض محالاً التفكيك بينهما، فوجد ذاك العنوان ولم يوجد قصد الأمر، فما هو موقف المولى من ذلك؟ فهل يكتفي بهذا، أو لا؟

فإن قيل: نعم، كان خلف الضرورة؛ لضرورة احتياج الصلاة إلى قصد القربة. وإن قيل: لا، رجع إلى أخذ قصد الأمر، ففرض عنوان ملازم مجرّد تغطية للمطلب(1).

وكلا هذين الإشكالين ليس بشيء:

أمّا الأوّل: فلأنّه يوجد عندنا عنوان ملازم لقصد الامتثال، وهو عدم صدور الفعل بداع نفسانيّ، أي: سائر الدواعي غير قصد الامتثال، فهذا يلازم في صورة تحقّق الفعل وجود داعي الامتثال؛ لأنّ الفعل لا يصدر بلا داع.

وأمّا الثاني: وهو فرض الانفكاك، فلأنّه لو اُريد بذلك فرض المحال من قبيل فرض اجتماع الضدّين، أو ارتفاع النقيضين، فليس على المولى أن يجعل أمره وافياً بغرضه على جميع الفروض حتّى الفروض المستحيلة، وإنّما عليه أن يجعله وافياً بغرضه على الفروض المعقولة، وإلّا فما هو موقف المولى من فرض اجتماع النقيضين لو فرضنا: أنّ العبد صلّى ولم يصلِّ في وقت واحد، أفهل ثبت ضمان المولى وفاء أمره بغرضه في هذا الفرض مثلاً؟!

ولو اُريد بذلك فرض أمر معقول وإن كان نادر التحقّق، كما في التفكيك بين متلازمين يكون تلازمهما عاديّاً وغالبيّاً، لا عقليّاً، قلنا: إنّ التفكيك بين قصد الامتثال وعدم سائر الدواعي الذي فرضناه غير معقول؛ لأنّ ذلك معناه: حصول الفعل الاختياريّ بلا داع.



(1) راجع المصدر السابق.