المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

180

والمحذور الثاني أيضاً لا موضوع له هنا؛ لأنّه إنّما يتصوّر فيما له عروض بحسب عالم نفس المولى، فيقال: يلزم التهافت في لحاظ المولى؛ لأنّه يرى معروضه قبل العارض، وأمّا المصلحة فأمر تكوينيّ واقعيّ ليس عروضها بلحاظ عالم نفس المولى.

وأمّا ما جاء في تقرير بحث المحقّق النائينيّ (رحمه الله): من استحالة ذلك، بدعوى: أنّ المصلحة إذا قامت بالفعل المأتيّ به بداعي المصلحة، لزم الدور في مقام الإتيان؛ لأنّ الإتيان به بداعي المصلحة فرع قيام المصلحة به الذي هو فرع أن يؤتى به بداعي المصلحة(1)، فهذا البيان وأمثاله يمكن الجواب عليه على ضوء ما تقدّم في الأبحاث السابقة؛ إذ يكفينا أن يقال: إنّ الإتيان بداعي المصلحة لا يتوقّف على قيام المصلحة بذات الفعل بأن يكون ذات الفعل هو تمام ما يحصّل المصلحة، بل يتوقّف على أن يكون للفعل دخل في إيجاد المصلحة، فهو يأتي بالفعل لكي يسدّ بذلك باب عدم المصلحة الذي ينفتح بترك الفعل، وإذا أتى به بهذا الداعي كان هذا بنفسه عبارة عن قصد المصلحة الذي به ينسدّ الباب الآخر للعدم.

وبذلك تلخّص: أنّ أخذ قصد الإرادة أو المصلحة بالخصوص في متعلّق الأمر لا يلزم منه محذور،لا بلحاظ عالم الأمر ولا بلحاظ عوالم ما قبل الأمر.

نعم، هذا غير محتمل إثباتاً كما بيّنّا، وإنّما ذكرناه استطراقاً إلى البحث في الجهة الثانية عن إمكان أخذ الجامع وعدمه.

وقبل الشروع في البحث عن الجهة الثانية نسجّل هنا شكّاً صغرويّاً، وهو: أنّه لعلّ قصد المصلحة ليس قصداً قربيّاً؛ فإنّ المصلحة في أوامر الموالي العرفيّة قد



(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 108 إلى 109 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق السيّد الخوئيّ (رحمه الله)، وفوائد الاُصول، ج 1، ص 151 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.