المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

188

وكلا البيانين روحهما واحدة وإن اختلف طرز التعبير، وبه يختلف طرز التعبير في الجواب:

أمّا البيان الأوّل: فجوابه: أنّ الحكم في اُفق ذهن الحاكم متعيّن في حكم عرض على ذات الطبيعة بلا ضمّ لحاظ التقييد أو رفض التقييد، وهذا ليس معناه تعلّق الأمر بالمردّد بين المطلق والمقيّد بحيث يكون متعلّق الأمر هو: إمّا المطلق، وإمّا المقيّد بأن تكون كلمة «إمّا» ثابتة في لوح الأمر والواقع، فمتعلّق الأمر لا هو المطلق بعينه، ولا المقيّد بعينه، بل الفرد المردّد بينهما، وإنّما معناه: أنّ هناك وجوداً متعيّناً للأمر بذات الطبيعة، إلّا أنّ هذا الوجود المعيّن لم يضمّ إليه التقييد ولا الإطلاق؛ حيث إنّ التقييد عبارة عن لحاظ الطبيعة مع القيد، والإطلاق عبارة عن رفض القيد، فإذا لوحظت الطبيعة ولم يلحظ معها القيد ولا عدمه، سمّينا ذلك بالإهمال، وهذا ليس معناه: أنّ الحكم في اُفقه مردّد، بل نفس الأمر بالطبيعة متعيّن، ولكن لم يضمّ إليه الإطلاق ولا التقييد، وهذا أجنبيّ عن الفرد المردّد.

وأمّا البيان الثاني: وهو لزوم كون المولى بما هو جاعل للأمر الأوّل وبغضّ النظر عن الأمر الثاني جاهلا بمدى سعة مطلوبه، فالجواب: أنّ مطلوبه المعلوم له هو الطبيعة بما لها من سعة عند الإهمال.

وتوضيح ذلك: أنّه بعد أن اتّضح في دفع البيان الأوّل: أنّه يمكن تعلّق أمر المولى بذات الطبيعة بلا ضمّ لحاظ القيد ولا رفضه، نقول: إنّ الطبيعة بلا ضمّ لحاظ القيد ولا رفضه لها درجة من السعة، فالمولى مطلوبه هذه الطبيعة بمقدار ما لها من سعة في مقام الانطباق، وحيث إنّ هذه السعة متعيّنة فمطلوب المولى متعيّن، فإن قلنا: إنّ المهمل في قوّة المقيّد، فمطلوب المولى لا يسري إلى غير المقيّد. وإن قلنا: إنّه في قوّة المطلق، فالطبيعة تسري إلى الأفراد، فمطلوب المولى أيضاً يسري. وعلى أيّ حال فحدود مطلوب المولى بالأمر الأوّل واضحة عنده.