المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

189

والحاصل: أنّ في سريان الطبيعة إلى تمام أفرادها نظريّتين:

1 ـ إنّ الطبيعة بذاتها لو خلّيت ونفسها لا تقتضي السريان ولا عدمه، وإنّما السريان من شؤون الإطلاق اللحاظيّ، أيّ: رفض القيود، وعدم السريان من شؤون لحاظ التقييد.

2 ـ إنّ الطبيعة بذاتها تقتضي السريان ما لم يمنع مانع، والمانع لحاظ القيد.

وفرق النظريّتين: أنّ المقتضي للسريان في الاُولى أمر خارج عن الطبيعة، وهو الإطلاق اللحاظيّ، وفي الثانية ذات الطبيعة ما لم تقترن بمانع، وهو لحاظ القيد. والفرق العمليّ بينهما يظهر في الطبيعة المهملة التي لم يلحظ معها القيد ولا رُفض معها القيد، فإن قلنا: إنّ الطبيعة بذاتها لا تقتضي السريان، فالطبيعة المهملة في قوّة المقيّدة، وإن قلنا: إنّها بذاتها تقتضي السريان ـ كما هو الصحيح ـ فالطبيعة المهملة في قوّة المطلقة؛ لأنّ المقتضي للسريان موجود وهو ذات الطبيعة، والمانع مفقود وهو لحاظ القيد.

وقد ظهر: أنّه لا يرد إشكال التردّد، لا في عالم الوجود الذهنيّ وبلحاظ عالم عروض الحكم؛ فإنّه متعيّن في وجود الأمر بذات الطبيعة لا مطلقة ولا مقيّدة، ولا في عالم الانطباق والسريان؛ لأنّ الطبيعة المهملة إن كانت في قوّة المطلقة يسري إلى تمام الأفراد، وإلّا لم يسرِ إلّا بمقدار المقيّد، وهذا يختلف باختلاف النظريّتين في باب المطلق والمقيّد.

والسرّ في ذلك كلّه هو حمل الإهمال في كلام المحقّق النائينيّ (رحمه الله) على الإهمال اللحاظيّ، بمعنى عدم لحاظ التقييد ولا رفضه، لا على الفرد المردّد، وأمّا لو حمل على الفرد المردّد، فهذا الإهمال لا يزول بضمّ الأمر الثاني؛ فإنّ الأمر الثاني إنّما يكمّل مهمّة الكشف عن الغرض، لا أنّه يجعل متعلّق الجعل الأوّل متعيّن الحدود، فإنّ الواقع لا ينقلب عمّا وقع عليه، مع أنّه ـ دامت بركاته ـ يسلّم أنّه لو فرض