المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

190

الإهمال في الأمر الأوّل، صحّت الاستعانة بالأمر الثاني لرفعه. هذا.

وقد انقدح من تضاعيف ما ذكرناه إشكال على ما فرضه المحقّق النائينيّ (رحمه الله) من تصوير التعبّديّة بوجود أمرين: أحدهما تعلّق بالطبيعة المهملة، والآخر بإتيان متعلّق الأمر الأوّل بقصد الأمر، وهو: أنّنا إن قلنا: إنّ الطبيعة المهملة في قوّة المطلقة، فقد رجع ـ بحسب الحقيقة ـ إلى الشكل الأوّل، وهو فرض تعلّق الأمر الأوّل بالمطلق؛ لأنّنا أخذنا بالنظريّة القائلة: إنّ الإطلاق من شؤون ذات الطبيعة، فقد أصبح متعلّق الأمر الأوّل مطلقاً. نعم، أصبح مطلقاً بالإطلاق الذاتيّ دون اللحاظيّ، وإذا رجع إلى الشكل الأوّل، فتحقيق الحال فيه هو ما مضى في تحقيق حال الشكل الأوّل.

وإن قلنا: إنّ الطبيعة المهملة في قوّة المقيّدة، إذن لا حاجة إلى الأمر الثاني، بل يكفي الأمر الأوّل، فإنّه إذا كان المهمل في قوّة المقيّد فلابدّ للعبد في مقام التطبيق أن يأتي بالفعل بقصد القربة حتّى ينطبق عليه المهمل؛ لأنّ المفروض: أنّه كالمقيّد لا ينطبق إلّا على واجد القيد، فالأمر الأوّل وحده كاف لإلزام العبد بالقربة بلا حاجة إلى الأمر الثاني، ومن دون أن يرد أكثر الوجوه الأربعة التي قدّمناها لاستحالة أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر جزءاً أو قيداً؛ لأنّ قصد القربة لم يؤخذ في متعلّق الأمر، فمثلا المولى لم يلحظ الأمر حتّى يلزم التهافت في اللحاظ ورؤية عروض الأمر على ما هو متعلّق الأمر، وليس هناك أمر متعلّق بقصد الأمر حتّى يقال: إنّ هذا غير محرّك؛ إذ المفروض: أنّه ليس هنا إلّا أمر واحد متعلّق بالطبيعة المهملة التي هي في قوّة المقيّدة بحسب الفرض، فصار العمل عباديّاً بلا حاجة إلى أمر آخر متعلّق بقصد الأمر الأوّل.

نعم، يرد عليه الوجه الأوّل من الوجوه الأربعة، وهو لزوم أخذ وصول الأمر في موضوعه؛ لأنّ الأمر بالطبيعة المهملة إذا كان في قوّة الأمر بالمقيّدة، لا يمكن