المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

191

تطبيقه ـ بحسب الخارج ـ على غير المقيّد، إذن، فلا يمكن للعبد العمل به إلّا بأن يكون قادراً على الإتيان بالمقيّد، وقدرته على ذلك فرع وصول الأمر، وإلّا لم يمكنه الإتيان بالمقيّد بغير الابتلاء بالتشريع. وهذا إشكال آخر على الشكل الذي افترضه المحقّق النائينيّ (رحمه الله)من كون الأمر الأوّل متعلّقاً بالمهمل، والثاني بقصد امتثال الأوّل، يرد عليه لو جعل المهمل في قوّة المقيّد. أمّا لو جعله في قوّة المطلق، فقد عرفت أنّه يرجع إلى الشكل الأوّل ولم يكن وجهاً في قباله.

وأمّا الشكل الثالث لتعدّد الأمر في مقابل الشكلين السابقين، فهو ما اقترحه المحقّق العراقيّ (رحمه الله)، وذلك: أنّ الشكلين السابقين كانا مجتمعين في خصيصة واحدة، وهي: أنّ هناك جعلين ومجعولين. وهذا الشكل الثالث يختلف عنهما في أنّه يرى تعدّد الأمر لا تعدّد الجعل، فهناك أمران طوليّان: أحدهما تعلّق بذات العمل، والآخر تعلّق بقصد الأمر، ويكون الأمر الأوّل مأخوذاً في موضوع الثاني، فالأمر الأوّل موضوعه متحقّق بغضّ النظر عنه، وهو يحقّق موضوع الأمر الثاني، والتعدّد إنّما هو في المجعول دون الجعل. فهذان الأمران على رغم طوليّتهما مجعولان بجعل واحد، فإنّ الطوليّة بين المجعولين لا تنافي عرضيّتهما في مقام الجعل وكونهما مجعولين بجعل واحد، وشَبَّه(قدس سره) ذلك بمثل خطاب «صدّق العادل» بالقياس إلى الأخبار مع الواسطة، وقد مضى شرحه فيما سبق، حيث إنّ المحقّق العراقيّ (رحمه الله) ذكر هذا المطلب في موضعين(1): أحدهما هذا الموضع، وهو تصوير الواجب التعبّديّ بتعدّد الأمر، والثاني فيما مضى من تصوير ردٍّ على الوجه الثاني من الوجوه التي اخترناها في مقام بيان استحالة أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر.



(1) ورد هذا في نهاية الأفكار في موضعين: الأوّل في ص 190 ـ 191، والثاني في ص 196 ـ 197 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.