المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

192

وقد وضّحنا هناك: أنّ هذا لا يمكن تتميمه سواء فرض الأمران ضمنيّين أو استقلاليّين، فراجع.

على أنّ فرض تعدّد الأمر بهذا الشكل الثالث ـ وهو فرض تعدّد المجعول مع وحدة الجعل ـ لا يختلف عمّا مضى من فرض التعدّد حتّى في الجعل في الإشكالات الواردة عليه، أي: أنّ الوجه الثالث والرابع من الوجوه التي أخترناها لإثبات استحالة أخذ قصد الأمر في متعلّقه واردان على فرضيّة تعدّد الأمر كما مضى توضيحه، ومجرّد كونهما بجعل واحد لا يكون علاجاً لذلك كما هو واضح.

وكأنّ المحقّق العراقيّ (رحمه الله) عدل عن فرض تعدّد الجعل إلى فرض وحدة الجعل لكون فرض وحدة الجعل هو الأمر العرفيّ في الواجبات التعبّديّة دون تعدّده، وسوف نوضّح نحن كيف يمكن تصوير الواجب التعبّديّ خالياً من الإشكالات بنحو ينسجم مع التصوّر العرفيّ.

الوجه الثالث للفرق بين التعبّديّ والتوصّليّ

الوجه الثالث: ما يظهر من عبارة صاحب الكفاية(1): من أنّ الأمر التوصّليّ والتعبّديّ كلاهما متعلّقان بذات الفعل، إلّا أنّ الأمر التوصّليّ يكفي في حصول الغرض منه مجرّد الإتيان بمتعلّقه، فيسقط، وأمّا الأمر التعبّديّ فيبقى بشخصه بعد الإتيان بمتعلّقه من دون قصد القربة؛ لأنّ الغرض منه لا يحصل خارجاً إلّا بالإتيان بمتعلّقه مع قصد القربة، وسقوط الأمر يتبع حصول الغرض لا مجرّد الإتيان بمتعلّقه.

ويرد عليه: أنّ عدم سقوط الأمر بالإتيان بمتعلّقه مستحيل؛ فإنّه إذا أتى بمتعلّقه



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 107 بحسب طبعة المشكينيّ.