المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

193

خارجاً، قلنا: إنّ الأمر كان متعلّقاً بالجامع بين الفرد الذي أتى به والأفراد الاُخرى، فبعد أن أتى بالفرد الأوّل إن فرضنا أنّ ذلك الأمر لا يزال متعلّقاً بالجامع بين ذلك الفرد وباقي الأفراد، فهذا الأمر يستحيل داعويّته إلى الإتيان بالجامع في ضمن فرد آخر؛ لأنّ متعلّقه حاصل، وطلب الحاصل محال، فلا محالة يكون الأمر ساقطاً (ولو بمعنى سقوط محرّكيّته على ما هو التحقيق في معنى سقوط الأمر). وإن فرضنا أنّه يتعلّق بالجامع بين باقي الأفراد دون الفرد الأوّل، كان معنى ذلك سقوط الأمر الأوّل؛ لأنّ شخص الأمر يتقوّم بشخص متعلّقه وحدوده.

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه في مقام التعليق على هذه الوجوه للفرق بين الأمر التعبّديّ والتوصّليّ: أنّه لا يمكن التفرقة بين الأمر التعبّديّ والأمر التوصّليّ من ناحية المتعلّق، سواء كان بأمر واحد ينبسط على قصد القربة أو بمتمّم الجعل، بل الأمر سواء كان تعبّديّاً أو توصّليّاً إنّما يتعلّق بذات الفعل.

كما اتّضح أيضاً: أنّ الأمر إذا تعلّق بذات الفعل فشخص ذلك الأمر يسقط ـ لا محالة ـ بالإتيان بذات الفعل؛ لأنّه متعلّق بالجامع بين ما أتى به وما لم يؤتَ به، وهذا الجامع حاصل، فعلى أيّ حال يسقط ذلك الأمر، سواء كان ذلك توصّليّاً أو تعبّديّاً، ومن هنا ننتقل إلى الوجه الرابع من وجوه الفرق بين الأمر التعبّديّ والتوصّليّ، فنقول:

الوجه الرابع للفرق بين التعبّديّ والتوصّليّ

الوجه الرابع: هو الوجه المختار، وهو أنّ الأمر التوصّليّ كان ناشئاً من غرض في ذات الفعل بلا حاجة إلى قصد القربة، فحينما يسقط بشخصه بإتيان ذات الفعل من دون قصد الامتثال لا يتولّد أمر جديد بالفعل؛ لأنّ الغرض حصل بلا حاجة إلى قصد الامتثال. وأمّا الأمر التعبّديّ فهو أمر ناشئ من غرض لا يُستوفى إلّا بالإتيان