المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

194

بالحصّة القربيّة خاصّة، فهو وإن كان يتعلّق بذات الفعل لما تقدّم من البراهين، ويسقط شخصه بالإتيان بذات الفعل؛ لاستحالة طلب الحاصل، لكن يتولّد أمر جديد بذات الفعل إن كان قد أتى بغير الحصّة القربيّة، فإن أتى في المرّة الثانية بالحصّة القربيّة، فهو، وإلّا تولّد أمر ثالث به بعد موت الأمر الثاني، وهكذا إلى أن يأتي بالحصّة القربيّة.

والسرّ في تولّد الأمر مرّة اُخرى بعد الفعل هو: أنّ الغرض باق وغير مستوفىً، فكما دعا هذا الغرض المولى من أوّل الأمر إلى أن يأمر كذلك بلحاظ الآن يدعوه إلى الأمر، إلّا أنّ هذا الأمر الجديد لا يتعلّق بالجامع بين الفرد الذي أتى به وباقي الأفراد، ليستحيل محرّكيّته من باب استحالة طلب الحاصل، بل يأمر المولى بالطبيعة بقيد أن تكون بغير ذلك الفرد، فيقول مثلا: «صلِّ صلاة اُخرى» حتّى تكون لهذا الأمر داعويّة ومحرّكيّة.

وهذا الوجه من الفرق يشترك مع الوجه الثالث في دعوى: أنّ الأمر نشأ من الغرض في حصّة خاصّة من الفعل، وهو الفعل القربيّ، ولكنّه متعلّق بذات الفعل، إلّا أنّه يختلف عنه في أنّه كان يقال في الوجه الثالث ببقاء شخص الأمر إلى أن يحصل الغرض بالإتيان بالفعل بقصد القربة، بينما هنا نقول بتجدّد الأمر وتبدّله إلى أمر آخر، لا بقاءه بشخصه، كما يشترك مع الوجه الثاني في دعوى تعدّد الأمر، إلّا أنّه غير تعدّد الأمر بالمعنى الذي جاء في ذلك الوجه، فإنّ ذلك كان عبارة عن تعلّق الأمر الثاني بقصد القربة، بينما نقول هنا: إنّ الأمر الثاني يتولّد إذا أتى بالحصّة غير القربيّة، ويتعلّق بذات الفعل كالأمر الأوّل، وكذلك يتولّد أمر ثالث ورابع، وهكذا تتبادل الأوامر مادام يأتي بالحصّة غير القربيّة إلى أن يأتي بالحصّة القربيّة.

فإن قلت: كيف يتعلّق الأمر بذات الفعل مع أنّ المفروض أنّ ذات الفعل ليس