المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

195

محبوباً، وإنّما المحبوب هو الفعل القربيّ، والأمر يجب أن يتعلّق بالمحبوب حتّى يحرّك نحو المحبوب.

قلت: أوّلا: أنّنا لو سلّمنا ذلك فإنّما نسلّمه في غير مثل المقام الذي يكون نفس تحريك الأمر فيه موجداً للمحبوب، فالأمر عادةً يجب تعلّقه بالمحبوب حتّى يحرّك نحو المحبوب، ولكن لو اتّفق صدفةً: أنّ متعلّقه وإن لم يكن وحده محبوباً، لكن نفس تحريك الأمر كان كفيلا بإيجاد الجزء الآخر الذي به يتمّ المحبوب، فهنا لا إشكال في الأمر بذلك الفعل والتحريك نحوه، وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فإنّ الأمر إذا حرّك العبد نحو الصلاة، حصل المحبوب؛ إذ الصلاة المأتيّ بها بتحريك الأمر صلاة قربيّة، وهي المحبوب.

وثانياً: أنّه لم تنزل آية أو رواية تدلّ على أنّ الأمر يجب أن يتعلّق بالمحبوب، بل يكفي عقلاً تعلّقه بما يحتمل حصول المحبوب به، مثلا لو أراد المولى كتاب الوسائل من مكتبته والعبد لا يعرف كتاب الوسائل بالضبط، فالمولى يقول: جئني بكتاب من المكتبة، فهو يأمره بذلك برجاء حصول محبوبه به بأن يتّفق صدفةً أن يختار العبد كتاب الوسائل، فالعبد يأتيه بكتاب، فإن اتّفق: أنّ الكتاب كان هو الوسائل، سقط الأمر بشخصه، ولم يتجدّد أمر آخر لحصول الغرض، والمأمور به كان هو جامع الإتيان بالكتاب الذي لم يكن بحدّه الجامعيّ محبوباً، ولم تكن خصوصيّة كتاب الوسائل داخلة تحت هذا الأمر، ولكن مع ذلك صحّ تعلّق الأمر به؛ لاحتمال حصول محبوبه بذلك، وإن اتّفق: أنّه أتى بكتاب آخر غير الوسائل، سقط شخص الأمر لا محالة؛ لتعلّقه بالجامع بين ما أتى به وغيره، لكنه يجدّد المولى أمره، ويأمره بالإتيان بكتاب آخر غير الفرد الأوّل، فإذا أتى صدفةً بالوسائل، سقط الأمر لا إلى بدل، وإلّا أمره بأمر ثالث، وهكذا، فليكن ما نحن فيه من هذا القبيل، فهو يأمر بجامع الصلاة برجاء حصول الحصّة المطلوبة وهي الصلاة