المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

196

القربيّة، فإن حصلت سقط الأمر لا إلى بدل، وإن أتى بحصّة اُخرى كرّر المولى الأمر، وهكذا.

وبكلمة اُخرى: إنّ ما نحن فيه شبيه بما لو فرض: أنّ الأب أمر ابنه الصغير بشيء سهل لا غرض للمولى فيه بداعي أن يعوّده على التحرّك بأوامر أبيه حتّى يستطيع بعد ذلك حمله على الاُمور الشاقّة المفيدة مثلا، فهو يأمره بذلك الشيء وينتظر ليرى: أنّه هل يأتي به بمحرّكيّة الأمر، أو لا، فإن أتى الابن به بمحرّكيّة الأمر، فقد حصل المطلوب، وكان ذلك نوع ترويض للابن، ولو اتّفق صدفةً: أنّ الابن أتى بذلك الشيء بداع آخر غير أمر الأب، اضطرّ الأب إلى أن يأمره مرّة ثانية، وهكذا إلى أن يرى ابنه قد تحرّك بأمره.

والمولى لو كان مع العبد في الأوامر الشخصيّة، وتعلّق غرضه بالعمل العباديّ، أمكنه أن يصل إلى مطلوبه عن طريق أن يأمره بذات العمل ويصبر، فإن أتى صدفةً بالعمل بداع غير قربيّ، يأمره مرّةً اُخرى، وهكذا إلى أن يصل إلى مطلوبه، ولكن في الأوامر الكلّيّة المجعولة بنحو القضايا الحقيقيّة لا يمكن ذلك؛ إذ ليس المولى يمشي مع العبد حتّى يأمره كلّ حين حينما يراه أتى بالعمل لا بقصد القربة، فطريق وصوله إلى المطلوب هو أن يأمره أمراً كلّيّاً، وينصب قرينة عامّة على أنّ هذا الأمر له توجّهات عديدة متى ما أتى العبد بالفعل لا بقصد القربة، فيعرف العبد أنّه لو أتى بالفعل لا بقصد القربة كان للأمر توجّه آخر إليه، وهكذا، فلا يستطيع أن يخرج من عهدة هذا الأمر إلّا بأن يأتي بالعمل بقصد القربة بالرغم من أنّه تعلّق بذات الفعل؛ وذلك لأنّه يتجدّد متى ما أتى بمتعلّقه بلا قصد القربة، فهذا يعطي نفس نتيجة ما لو كان الأمر متعلّقاً بالفعل المقيّد بقصد القربة، ولهذا يصحّ عرفاً أن تبيّن هذه القرينة العامّة بلسان تقييد متعلّق الأمر، فيقال: «صلِّ بقصد القربة»، فهذا تقييد بحسب مقام الإثبات كاشف عن تجدّد الأمر بحسب مقام الثبوت لا تقيّده، فالتجدّد