المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

20

فمنها: رفع اليد عن دلالة الأمر على الوجوب إذا دلّ عموم عامّ على الترخيص، كما لو ورد «لا بأس بترك إكرام العالم» وورد «أكرم الفقيه»، فهم يقولون عادةً بالتخصيص؛ لتعارض الخاصّ مع العامّ، وتقدّمه عليه في مقام حلّ المعارضة، بينما على هذا المسلك لا تعارض بينهما أصلاً؛ لأنّ الخاصّ إنّما دلّ على الطلب، والعامّ دلّ على الترخيص في الترك، ولا منافاة بينهما، وبما أنّ الطلب المقترن بالترخيص في الترك ليس موضوعاً لحكم العقل بوجوب الامتثال فلايجب الامتثال في المقام، وهذا ممّا لا يلتزم به فقيه عادةً. نعم، لو قيل: إنّ موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال هو الطلب مع عدم صدور ترخيص لو كان الأمر دالّاً لفظاً على الوجوب، لما قدّم عليه، لم يرد هذا النقض، لكن هذا الكلام ـ كما ترى ـ تحكّم واضح.

ومنها: أنّه لو صدر طلب ولم يقترن بترخيص متّصل، ولكن احتملنا ورود ترخيص منفصل، فمن الواضح: أنّ الفقهاء عادةً يفتون بالوجوب. وهذا تفسيره على مسلكنا واضح؛ إذ الأمر دالّ على الوجوب، والظهور حجّة، فيؤخذ به ما لم يصل المعارض. وأمّا على هذا المسلك، فلا يثبت الوجوب؛ لأنّ الوجوب حكم عقليّ موضوعه هو أن يصدر الطلب ولا يصدر الترخيص، وهذا غير معلوم، بل يمكن الرجوع إلى الاُصول المؤمّنة كحديث الرفع حيث شككنا في تحقّق ما هو موضوع لوجوب الطاعة، وهو الطلب مع عدم الترخيص(1).



(1) أمّا إجراء استصحاب عدم صدور الترخيص، فلا يحلّ المشكل؛ وذلك لوضوح بناء الفقهاء بما فيهم المحقّق النائينيّ (رحمه الله) لدى صدور الأمر وعدم وصول الترخيص على الوجوب برغم احتمال صدور ترخيص لم يصل حتّى لو لم نكن نؤمن بحجّيّة