المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

23



قلنا:

أوّلاً: هل يجوّز العقل إثارة اشمئزاز المولى لمجرّد ضآلة الاشمئزاز؟!

وثانياً: لابدّ من تعيين تلك الدرجة التي هي مرتبة الوجوب، والدرجة التي هي مرتبة الاستحباب، فيا ترى هل درجة السبعين مثلاً للاشمئزاز، أو عدم طيب النفس بالترك هي درجة الوجوب، ودرجة التسعة والستّين هي درجة الاستحباب، أم ماذا؟ أو تقولون: إنّ المقياس هو صدور الترخيص من الشارع في الترك؟ وهذا رجوع إلى مسلك الشيخ النائينيّ (رحمه الله).

وقد يقال: إنّ الفارق الحقيقيّ في روح الحكم بين الوجوب والاستحباب هو ما مضى أيضاً عن اُستاذنا (رحمه الله)من شدّة الملاك وضعفه، سواءٌ قصد بالملاك الحبّ والبغض، أو المصلحة والمفسدة.

إلّا أنّ هذا المقدار من البيان أيضاً لو لم يرجع إلى ما سيأتي إن شاء الله، وكان المقصود بشدّة الملاك وضعفه شدّته أو ضعفه ذاتاً، فهو غير كاف؛ وذلك لأنّنا نقول:

أوّلاً: هل يجوّز العقل مخالفة طلب المولى لمجرّد ضعف الملاك؟

وثانياً: لابدّ من تعيين درجة الشدّة والضعف، فهل درجة السبعين من شدّة الملاك هي درجة الوجوب مثلاً، ودرجة التسعة والستّين درجة الاستحباب، أم ماذا؟ أو تقولون: إنّ المقياس هو وصول ضعف الملاك إلى مستوىً يطيب المولى نفساً بالترك، فهذا هو مورد الاستحباب، ولو اشتدّ الملاك إلى مستوى عدم طيب النفس بالترك، فهذا هو مورد الوجوب؟ فهذا رجوع إلى مقياسيّة التعبير السابق الذي بحثناه، أو تقولون: إنّ المقياس هو صدور الترخيص من المولى وعدمه؟ فهذا رجوع إلى كلام الشيخ النائينيّ (رحمه الله).

والحلّ: أن يقال: إنّ الحبّ والبغض في نفس المولى: تارةً يكون مصبّه ذات الفعل، واُخرى يكون مصبّه نفس كون المكلّف ملزماً ومقيّداً بالفعل أو الترك برسوم العبوديّة، أو