المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

232

وعليه، فنسبة الوجوب التخييريّ إلى التعيينيّ كنسبة الاستحباب إلى الوجوب، وتثبت التعيينيّة في مقابل التخييريّة بكلّ ما يثبت به الوجوب في مقابل الاستحباب، فمثلا يقال في باب الوجوب والاستحباب: إنّ الأمر إن لم يكن موضوعاً للوجوب فهو يدلّ على الوجوب بالإطلاق؛ لأنّ مفاده هو النسبة الإرساليّة والإلقائيّة. والإلقاء بوجوده التكوينيّ يسدّ كلّ أبواب العدم، فيكون ظاهر الكلام هو سدّ كلّ أبواب العدم تشريعاً. فهذا البيان يأتي لإثبات التعيينيّة؛ حيث إنّ في الوجوب التخييريّ يبقى بعض أبواب العدم مفتوحاً، بينما في الإلقاء التكوينيّ لا يبقى بعض أبواب العدم مفتوحاً(1).

دوران الأمر بين العينيّة والكفائيّة:

المقام الثالث: في الدوران بين العينيّة والكفائيّة. ونكتفي في ذلك بالتنبيه على أنّ الكلام هنا هو عين ما مضى في المقام الثاني، فيأتي في تصوير الكفائيّة في مقابل العينيّة عين المباني الثلاثة المتقدّمة، وعلى كلّ واحد منها يأتي ما ذكرناه.



(1) ونحن اخترنا فيما سبق دلالة الأمر على الوجوب بالوضع، وهنا أيضاً تكون دلالة الأمر على التعيين بعد فرض تفسير التخيير بمعنى طلب مشوب بجواز الترك إلى البدل بالوضع؛ فإنّ جواز الترك إلى البدل للعتق مثلا مستوىً من مستويات عدم وجوب العتق، فإنّ عدم وجوبيّة الطلب المطلق يكون بناءً على هذا المبنى عبارة عن مشوبيّة الطلب بجواز الترك مطلقاً، والتخيير عبارة عن المشوبيّة بجواز الترك إلى البدل، وهذا مستوىً أنزل من مستوى جواز الترك المطلق.

وبكلمة اُخرى: إنّ الأمر وضع لإفهام سدّ جميع أبواب عدم الفعل تشريعاً، وهذا كما ينفي الاستحباب ينفي التخيير؛ لأنّ أحد بابي العدم وهو باب الترك إلى البدل معه مفتوح.