المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

237

وطبعاً مقصودنا باحتمال ارتكاز من هذا القبيل ليس مطلق الاحتمال العقليّ الناشئ من مثل «كلّما قرع سمعك فذره في بقعة الإمكان» حتّى ينفتح من ذلك باب لإجمال الظهورات في موارد كثيرة جدّاً، وإنّما المقصود الاحتمال العقلائيّ الناشئ من منشأ عقلائيّ يعتدّ به.

ومبنيّاً عليه نقول: إنّ صيغة الأمر وإن كانت بذاتها ظاهرة في الوجوب، ولكن قد يحتمل فيها بمنشأ عقلائيّ أنّها كانت مكتنفة بارتكاز يمنع عن ظهورها في الوجوب سنخ اكتناف أمر المجتهد لأحد اليومَ بصلاة الليل بارتكاز يمنع عن ظهورها في الوجوب، ويوجب حملها على النصيحة والإرشاد؛ لوضوح عدم معرضيّة صلاة الليل للافتاء بالوجوب، وأهمّ هذه المناشئ هو أن يكون الاتّجاه العامّ في الفقه الشيعيّ للعلماء قديماً وحديثاً عدم القول بالوجوب، فنرفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب بغضّ النظر عن مسألة الإجماع؛ وذلك لأنّنا نحتمل أنّه كان في زمان الإمام(عليه السلام) ارتكاز عدم وجوب ذلك ووضوحه المتشرّعيّ بشكل كان يعدّ ذلك قرينة متّصلة على عدم الوجوب، ولا يضرّ بهذا الاحتمال فرض خلاف شاذّ بين العلماء من قبل مثل ابن جنيد، أو ابن أبي عقيل، أو مثل الشيخ في أحد كتبه ونحو ذلك، وإنّما المهمّ كون الاتّجاه العامّ في الفقه هو عدم الوجوب، بينما لو وجد قول معتدّ به بين قدماء الأصحاب بالوجوب، كان ذلك مانعاً عن احتمال ارتكاز من هذا القبيل عند أصحاب الأئمّة احتمالا عقلائيّاً؛ إذ يقال: لو كان الأمر كذلك، كيف انقلب الحال في أوائل عصر الإفتاء من قبل العلماء إلى رأي معتدّ به يقول بالوجوب؟!

وبهذا نتخلّص من كثير من الأوامر الواردة في باب الصلاة والصوم والحجّ وغيرها الظاهرة بدواً في الوجوب بلا قرينة متّصلة أو منفصلة على الاستحباب أوجبت بلبلة عند الفقهاء؛ لأنّهم لا يلتزمون بالوجوب، فمن يقول بحجّيّة الشهرة،