المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

24



كونه حرّاً لا حرج عليه في الفعل أو الترك عقلاً، فمثال حبّ مجرّد الإلزام الأوامر الامتحانيّة التي لا ملاك في متعلّقها، وإنّما الملاك عبارة عن نفس الامتحان الذي يتحقّق بكونه مُلزَماً حتّى يعرف: هل يعمل وفق ما تقتضيه مراسم العبوديّة، أو لا؟ ومثال حبّ حرّيّة العبد هو المستحبّات والمكروهات، فالمستحبّ مثلاً إنّما صار مستحبّاً لأنّ هناك مصلحة في فعله بلا مزاحم في الفعل أو بمزاحم مغلوب، وقد أولدت المصلحة بالنسبة لذات الفعل الحبّ في نفس المولى، ولكن كان هذا الحبّ مزاحَماً بحبّ المولى لكون عبده حرّاً غير مُلزَم، وهذان الحبّان يكونان على مصبّين لا على مصبّ واحد، فأحدهما حبّ للفعل، والآخر حبّ لعدم كون العبد مقيّداً بلحاظ رسوم العبوديّة بالفعل ومضطرّاً إليه، ولأن يكون شاعراً بالحرّيّة مثلاً، وغير حاسّ بالضغط المولويّ على نفسه في هذا الفعل، ومهما يشتدّ حبّ المولى لحرّيّة عبده لا يوجب ذلك ضعفاً في حبّه للفعل، ولكنّه قد يزاحمه في عدم إيجاب المولى للفعل؛ لأنّ إيجابه له يُخسّر المولى حرّيّة عبده، ويمكن أن يُجعل هذا شعبة من شعب مصلحة التسهيل، أو معنىً من معانيها. ونتيجة هذا التزاحم هي: أنّ المولى يبرز حبّه للفعل بالأمر به، أو بأيّ شكل آخر، ويبرز إرادته لكون العبد مختاراً وغير حاسّ بالضغط المولويّ تجاه الفعل، فإن فعل العبد ذاك الفعل برغم حرّيّته وعدم الإحساس بالإلزام، فقد تحقّق للمولى كلا هدفيه، أو كلا محبوبيه: الفعل مع حرّيّة العبد، وإن ترك العبد ذلك الفعل عملاً بحرّيّته، فقد حصل للمولى أحد المحبوبين، وهو حرّيّة العبد، وخسر المحبوب الآخر وهو الفعل.

والحبّ والبغض إن كان مصبّهما الفعل، فهما يتكاسران لا محالة؛ لأنّهما ضدّان لا يجتمعان في مصبّ واحد، فلدى غلبة المصلحة يبقى الحبّ وحده، ولدى غلبة المفسدة يبقى البغض وحده، ولدى تساويهما لا يبقى حبّ ولا بغض، ولكن حبّ الفعل