المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

242

الانحلال(1)، وفي المتعلّق هو عدم الانحلال ووحدة الحكم، ففي النواهي التي لا موضوع لها من قبيل النهي عن القيام أو النطق مقتضى الطبع الأوّليّ عدم الانحلال. وهذا يقتضي أن لا يكون في عالم الفعليّة كعالم الجعل إلّا حكم واحد، ولكن في عالم الامتثال يكون امتثال هذا الحكم الواحد بترك تمام أفراد الطبيعة، بينما امتثال الحكم الواحد في الأمر يكون بالإتيان بفرد واحد؛ ذلك لما ذكره في الكفاية في بحث النواهي(2): من أنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد، ولا تنعدم إلّا بانعدام كلّ أفرادها، فيكون امتثال الأمر بإتيان فرد واحد، وامتثال النهي بترك كلّ الأفراد، فالفرق بين النهي والأمر إنّما هو بلحاظ عالم الامتثال، وليس راجعاً إلى مسألة كون الحكم في الأمر واحداً وفي النهي متعدّداً، كما لا يكون راجعاً إلى باب دلالة الألفاظ أو مقدّمات الحكمة، وإنّما هو راجع إلى أنّ إيجاد الطبيعة يتحقّق تكويناً بوجود فرد واحد، ولا تنعدم إلّا بانعدام كلّ الأفراد، فإذا قال: «أكرم العالم»



(1) لا يخفى: أنّ الموضوع في باب النواهي يكون عادةً قيداً للمتعلّق لا موضوعاً مقدّر الوجود؛ وذلك لقرينة عامّة في المقام، وهي: أنّ غرض المولى ـ الذي هو التجنّبُ عن مفسدة الفعل، أو تحصيل مصلحة الترك ـ يحصل عادةً وغالباً في الموارد العرفيّة بالترك الذي هو أعمّ من الترك مع وجود الموضوع، كمن ترك شرب السمّ مع وجود السمّ، والترك مع انتفاء الموضوع، كما لو ترك شرب السمّ قهراً لدى عدم وجود السمّ، ومن هنا ترى عرفاً أنّه يفهم من مثل النهي عن شرب الخمر حرمة إيجاد الخمر لمن لو أوجده لشربه قهراً واضطراراً.

نعم، نحن نلتزم ـ برغم ذلك ـ بالانحلال في باب النواهي في طرف الموضوع الذي هو في الواقع قيد المتعلّق، كما نلتزم به في أصل المتعلّق بالقرينة التي ستذكر في المتن لانحلال النهي بلحاظ المتعلّق.

(2) راجع الكفاية، ج 1، ص 232 ـ 233 بحسب طبعة المشكينيّ.