المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

243

كان كلّ عالم واجب الإكرام وجوباً واحداً غير منحلّ إلى وجوبات عديدة، وإذا قال: «لا تكرم الفاسق» كان مقتضى الطبع الأوّليّ أن يحرم إكرام كلّ فاسق حرمة واحدة غير منحلّة، بحيث لو أكرم فاسقاً مرّةً، سقط الحكم بالنسبة إلى ذلك الفاسق بالعصيان، إلّا أنّ هذا الوجوب الواحد يتحقّق امتثاله بإكرام واحد، وهذه الحرمة لا يتحقّق امتثالها إلّا بترك كلّ إكرام. هذا.

وقد أورد بعض المتأخّرين على ذلك بأنّ القول بكون الطبيعة توجد بوجود فرد واحد، ولا تنعدم إلّا بانعدام كلّ الأفراد إنّما يتمّ بناءً على فكرة الكلّيّ الهمدانيّ القائلة بأنّ الكلّيّ موجود بوجود فردانيّ له نوع من السعة والعمق والشمول للأفراد، فإنّ الفلاسفة اختلفوا في وجود الكلّيّ الطبيعيّ في الخارج وعدمه، والقائلون بوجوده في الخارج؛ لكونه عين الفرد؛ أو كونه مشمولا للأفراد مثلا اختلفوا في أنّه: هل هو موجود بوجود فردانيّ وسيع، نسبته إلى الأفراد نسبة الأب الواحد إلى الأولاد، كما نقله الشيخ الرئيس عن رجل همدانيّ، أو موجود بعدّة وجودات بعدد الأفراد، ونسبته إلى الأفراد نسبة الآباء إلى الأبناء؟

فعلى الأوّل، يصحّ القول بأنّ الكلّيّ الطبيعيّ يوجد بوجود واحد، ولا ينعدم إلّا بانعدام كلّ الأفراد.

أمّا على الثاني، وهو أن تكون له عدّة وجودات بعدد الأفراد، ففي مقابل كلّ وجود يكون عدم لا محالة، لا أنّ له عدماً واحداً عند انعدام كلّ الأفراد(1).

والتحقيق: أنّ هذا الكلام غير صحيح، فإنّ فيه خلطاً بين التناقض بلحاظ عالم الخارج والتناقض بلحاظ عالم المفاهيم الذهنيّة.

توضيح ذلك: أنّه لو كان يصبّ المولى أمره ونهيه على ما في الخارج ابتداءً،



(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 82 بحسب طبعة مطبعة الطباطبائيّ بقم.