المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

244

لا بتوسيط المفاهيم الذهنيّة ومرآتيّتها، لصحّ أن يقال: إنّه بناءً على كون الكلّيّ له وجودات عديدة في الخارج بعدد الأفراد، لا محالة تكون له أيضاً أعدام عديدة بعدد الأفراد، لكن هذا غير معقول، فإنّ الأمر والنهي من الاُمور الذهنيّة والنفسيّة، فيجب أن يعرض على المفاهيم الذهنيّة بلحاظ فنائها فيما في الخارج، وبحسب عالم المفاهيم الذهنيّة ليس للكلّيّ الطبيعيّ إلّا مفهوم واحد نسبته إلى المصاديق الخارجيّة نسبة الأب إلى الأولاد، فهو ـ لا محالة ـ يوجد في الخارج بوجود فرد واحد، ولا ينعدم إلّا بانعدام تمام الأفراد.

ثُمّ إنّه قد ظهر بما ذكرناه: أنّ الشموليّة والبدليّة بالمعنى الذي بيّنّاه بلحاظ الموضوع والمتعلّق يختلف عن الشموليّة والبدليّة الوضعيّة في باب العمومات.

وتوضيح ذلك: أنّه في باب العموم قد يفرض: أنّ أداة العموم وضعت للعموم الشموليّ، ككلمة «كلّ» في قوله: «أكرم كلّ عالم»، وقد يفرض: أنّها وضعت للعموم البدليّ، كما لو قيل: إنّ كلمة «أيّ» في قوله: «أكرم أيّ عالم» موضوعة لذلك، فالفرق بالشموليّة والبدليّة هنا داخل في مدلول الخطاب، وراجع إلى تشخيص كيفيّة لحاظ المولى؛ حيث إنّ المولى في باب العموم يصبّ نظره على الأفراد بنحو إجماليّ، لا إلى ذات الطبيعة بغضّ النظر عن الأفراد، فتارةً يلحظها شموليّاً، واُخرى بدليّاً.

وأمّا فيما نحن فيه، فالفرق بين المتعلّق والموضوع لا يرجع إلى باب دلالة الألفاظ، ولا إلى لحاظ المولى، فإنّ كلاًّ من الموضوع والمتعلّق في «أكرم العالم» قد دلّ على ذات الطبيعة من دون أن يكون أحدهما دالّاً على البدليّة والآخر على الشمول، والمولى أيضاً لم يلحظ عدا ذات الطبيعة، وإنّما الشموليّة والبدليّة هنا من شؤون عالم التطبيق والفعليّة؛ حيث إنّ الموضوع يكون مفروض الوجود في المرتبة السابقة على الحكم، فله تطبيقات متعدّدة سابقة، فتتعدّد بذلك ـ لا محالة ـ