المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

246

المتعلّق، والانحلال بلحاظ الموضوع يجري أيضاً بنفس النكتة في الإخبار،فحينما يقال مثلا: «العالِم نافع»، فالعالِم موضوع للإخبار عنه بالنافعيّة مفروض الوجود، فهو لا يخبر عن وجود العالم، بل يقول: إنّ العالم على تقدير وجوده نافع، وذلك ينحلّ إلى عدّة إخبارات بعدد العلماء، بينما النفع متعلّق للإخبار؛ حيث إنّه هو المخبر به، وليس مفروض الوجود سابقاً، فلا ينحلّ ذلك إلى الإخبار بكلّ نفع، ولا يفيد أكثر من وجود نفع ما في الجملة للعالم.

وإن شئت بياناً أوضح لنكتة الانحلال في الموضوع وعدمه في المتعلّق، سواء كان في الإنشاء والطلب، أو في الإخبار والحكاية، قلنا: إنّ الموضوع يفرض مقدّر الوجود، فحينما يقول: «أكرم العالم» لا يطلب بهذا إيجاد العالم، ثُمّ إكرامه، بل يفترض وجود العالم، فيحكم بإكرامه، وحينما يقول: «العالم نافع» لا يتكفّل الإخبار بوجود العالم، بل يفترض وجوده ويخبر بنافعيّته على تقدير وجوده، وهذا معناه: أنّه ترجع القضيّة إلى قضيّة شرطيّة، فكأنّما يقول: «إذا كان العالم موجوداً، فأكرمه»، أو «إذا كان العالم موجوداً، فهو نافع»، وإذا رجعت القضيّة إلى قضيّة شرطيّة، تصبح فعليّة الجزاء تابعة ـ لا محالة ـ لفعليّة الشرط، وليس المتكلّم الآن يُملي ويفرض علينا فعليّة الجزاء بغضّ النظر عن الشرط؛ لأنّ هذا خلف القضيّة الشرطيّة، فإذا أصبحت فعليّة الجزاء مرتبطة بفعليّة الشرط وتابعة لها، فلا محالة تتعدّد فعليّة الجزاء بتعدّد فعليّة الشرط(1).

وأمّا المتعلّق فليس مفروض الوجود وراجعاً إلى الشرط، فليس معنى «أكرمه»: أنّه إذا وجد الإكرام فقد وجب، فإنّ هذا طلب للحاصل، وليس معنى «العالم نافع»: أنّه إذا وجد نفع للعالم فالعالم نافع، فإنّ هذه قضيّة بشرط المحمول، ولا تكشف عن وجود النفع للعالم، بينما المقصود هو الكشف عن وجود النفع له،



(1) لأنّ نسبة فعليّة الجزاء إلى تمام فعليّات الشرط على حدّ سواء.