المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

247

فإذا لم ترجع القضيّة بلحاظ المتعلّق إلى قضيّة شرطيّة، إذن ففعليّتها لا تتبع فعليّة المتعلّق، بل المتكلّم هو يُملي علينا فعليّة الطلب أو الإخبار الآن، من دون ربط لفعليّة ذلك بفعليّة المتعلّق، ولا دليل من هذا الطلب أو الإخبار على تعدّد الفعليّة، فلا محالة لا توجد إلّا فعليّة واحدة. هذا.

والفارق الموجود بين الأمر والنهي من حيث إنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد، ولا تنعدم إلّا بانعدام كلّ الأفراد، ولذا يكفي في امتثال الأمر الإتيان بفرد واحد، ولا يمتثل النهي إلّا بترك كلّ الأفراد موجود أيضاً في الإخبار بالإيجاب والإخبار بالنفي، فحينما يقال: «العالم موجود» لا يدلّ على أكثر من إثبات عالم واحد، وحينما يقال: «العالم ليس بموجود» يدلّ على نفي كلّ فرد من أفراد العلماء؛ لأنّ الطبيعة توجد بوجود فرد واحد، ولا تنعدم إلّا بانعدام كلّ الأفراد.

وإذا قال: «الجاهل ليس بنافع» فالنفي يستغرق كلّ أفراد الجاهل بنكتة الانحلال؛ لأنّه موضوع مقدّر الوجود، ويستغرق كلّ أفراد النفع، لا بنكتة الانحلال، بل بنكتة: أنّ النفع لا ينتفي إلّا بانتفاء كلّ أفراده، ولهذا لو وجد نفع واحد للجاهل تبيّن كذب هذا الخبر نهائيّاً؛ لعدم الانحلال، وفرض وجود نفع آخر أو عدمه ـ بعد أن فرض وجود نفع ما ـ نسبته إلى هذا الإخبار على حدّ سواء، بينما لو وجد جاهل واحد نافعاً، لم يتبيّن كذب هذا الخبر نهائيّاً بحيث يكون فرض وجود جاهل آخر نافع أو عدمه نسبته إلى هذا الإخبار على حدّ سواء.

ومقصودنا بالموضوع الذي نقول عنه: إنّ مقتضى الطبيعة الأوّليّة للحكم بلحاظه الانحلال ليس هو كلّما يكون مقدّر الوجود ثبوتاً، أو كلّما كان متعلّق المتعلّق، وإنّما المقصود خصوص ما يكون نفس الكلام بحسب الفهم العرفيّ دالّاً على كونه مقدّر الوجود، كالعالم في «أكرم العالم». وأمّا ما لم تكن للكلام دلالة عرفاً على كونه مقدّر الوجود، من قبيل التراب والماء في «تيمّم بالتراب، وتوضّأ بالماء» فلا ينحلّ الحكم بتعدّد أفراده وإن كان هو متعلّق المتعلّق؛ وإذا عرفنا من الخارج أنّ