المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

248

هذا مقدّر الوجود ثبوتاً، لم يشفع ذلك للانحلال كما هو الحال في هذين المثالين، حيث إنّهم لا يفتون بوجوب إيجاد الماء أو التراب مع الإمكان عند عدم وجوده، وإنّما يقولون بوجوب الوضوء أو التيمّم إذا وجد الماء أو التراب، ولكن مع ذلك لا يكون الحكم بالتيمّم بالتراب أو الوضوء بالماء بحسب الفهم العرفيّ لهذا الكلام انحلاليّاً، بأن يجب التيمّم بكلّ تراب، والوضوء بكلّ ماء.

والسرّ في ذلك: أنّه بنفس دلالة هذا الكلام لم يفهم فرض وجود التراب أو الماء وإن فهمنا ذلك من الخارج، ولو كنّا نحن وهذا الكلام، لكنّا نقول بوجوب إيجاد الماء أو التراب مع الإمكان للوضوء أو التيمّم.

ثُمّ إنّ ما ذكرناه في النهي: من أنّ مقتضى القاعدة الأوّليّة بلحاظ المتعلّق هو عدم الانحلال، ووجود نهي واحد لا يمتثل إلّا بترك كلّ الأفراد، ومقتضى القرينة العامّة الثانويّة هو الانحلال لا فرق فيه بين الأفراد العرضيّة والطوليّة، فكما أنّه في الأفراد العرضيّة نقول بأنّه بحسب مقتضى القاعدة الأوّليّة هناك نهي واحد لابدّ لأجله ترك كلّها، وبحسب القرينة العامّة وهي تعدّد مبادئ النهي غالباً بتعدّد الأفراد ينحلّ النهي بعدد الأفراد، كذلك الحال تماماً في الأفراد الطوليّة، هذا في جانب النهي.

وأمّا في جانب الأمر فقد عرفت: أنّ مقتضى القاعدة فيه بلحاظ المتعلّق عدم الانحلال، وأنّه في امتثاله يكتفى بفرد واحد.

الامتثال بأكثر من فرد:

وهل يمكن الامتثال بأكثر من فرد واحد أيضاً، أو لا؟

لا ينبغي الإشكال في إمكان الامتثال بمجموع فردين عرضيّين؛ لأنّ المأمور به هو الطبيعة، وهي غير مقيّدة بقيد الوحدة، فهي موجودة في ضمن فرد وفي ضمن فردين، وجامعة بين الفرد والفردين، فيتمّ التخيير العقليّ بين الفرد والفردين، هذا في الفردين العرضيّين.