المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

258

والجواب عن ذلك ـ بغضّ النظر عن ضعف سند هذه الطائفة ـ هو سنخ الجواب الذي ذكرناه عن الطائفة الثانية، فنقول: إنّ غاية ما يستفاد من هذه الطائفة هي اختيار الله تعالى لما هو أحبّ إليه من العملين لتطبيق الوظيفة عليه. وهذا كما ينسجم مع تبديل الامتثال كذلك ينسجم مع فرض كون الواجب مقيّداً بشرط متأخّر، وهو أن لا يأتي بعد ذلك بفرد أفضل وأحبّ إلى الله تبارك وتعالى، فيكون الإتيان بذلك هدماً للامتثال الأوّل بفقد شرطه، وإيجاداً لامتثال آخر. وهذا غير تبديل الامتثال المتنازع فيه.

ومعه لا حاجة في مقام الجواب عن هذه الطائفة إلى أن يقال: إنّه لعلّ المقصود هو اختيار الله تبارك وتعالى لأفضل الفردين في مقام الثواب، لا في الجانب الوظيفيّ(1).

وهذا الجواب خلاف الظاهر؛ فإنّه:

أوّلا: يكون ظاهر سياق الكلام وتعبيره هو الاختيار بلحاظ الجانب الوظيفيّ، لا الجانب الثوابيّ.

وثانياً؛ أنّ ظاهر قوله: «يختار أحبّهما» أنّ الأمر في الاختيار دائر بين هذين الفردين، وذلك بحيث لا يختاران معاً، وهذا إنّما يكون في الجانب الوظيفيّ. وأمّا في جانب الثواب، فيثبت كلّ من الثوابين بحدّه بحكم العقل؛ لأنّ كلاًّ منهما له محبوبيّة وانقياد خاصّ(2) به، بل نفس النصّ يشير إلى ذلك حيث يقول: «يختار



(1) هذا مذكور من قبل الشيخ الإصفهانيّ؛ في نهاية الدراية، ج 1، صفحة 229 ـ 230.

(2) وجّه الشيخ الإصفهانيّ (رحمه الله) الأمر بأنّ الصلاة الثانية تشتمل على نفس القرب الموجود في الصلاة الاُولى وزيادة، فالمقدار الأوّل من القرب المشترك لم يحصل مرّتين،