المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

262

على الطبيعة الجامعة بين الأفراد، والهيئة لا تدلّ إلّا على الوجوب بالمعنى الحرفيّ، ولذا نرى أنّ التصريح بعدم الفور لا يوجب الإحساس بعناية، بينما لو كان الفور مستفاداً وضعاً من المادّة أو الهيئة، لكان التصريح بعدمه موجباً للإحساس بعناية المجاز.

وأحسن ما يمكن أن يقال للدلالة على الفور: إنّ الهيئة موضوعة للدفع بنحو المعنى الحرفيّ، وهو مواز عرفاً وارتكازاً للدفع التكوينيّ بخواصّه، فتنعكس خواصّ الدفع التكوينيّ على المدلول التصوّريّ لصيغة «افعل»، ومن خواصّه الفوريّة؛ فإنّ من يدفع تكويناً نحو شيء إن اندفع إليه، فقد وقع عليه فوراً، فكذلك في الدفع التشريعيّ لابدّ للمندفع وهو المطيع أن يعمل فوراً.

وبكلمة اُخرى: إنّ الاندفاع الفوريّ يكون من لوازم التحريك التكوينيّ، وهو وإن لم يكن من لوازم التحريك التشريعيّ لكن العرف يراه ـ على أساس الموازنة بين التحريكين ـ كأنّه من لوازم التحريك التشريعيّ، فتنعقد دلالة التزاميّة عرفيّة للأمر على الفور.

والجواب: أنّ الفوريّة في الدفع التكوينيّ ليست من شؤون نفس الدفع ابتداءً، وإنّما هي من شؤون جزئيّة المدفوع إليه، حيث إنّ الدفع التكوينيّ يستحيل أن يكون دفعاً نحو الكلّيّ والجامع بين الأفراد الطوليّة، ولا يمكن أن يكون إلّا دفعاً لمدفوع جزئيّ نحو مدفوع إليه جزئيّ حاضر، فلا محالة ينتج الفور باعتبار أنّ المدفوع إليه هو الجزئيّ الحاضر. وأمّا الدفع التشريعيّ فيمكن تعلّقه بالكلّيّ الجامع بين الأفراد الطوليّة كما هو مقتضى إطلاق المادّة، وإذا تعلّق بذلك لم يبقَ مبرّر لاستفادة الفوريّة.

وبكلمة اُخرى: إنّ الدفع تكويناً أو تشريعاً نحو شيء يقتضي الاندفاع تكويناً أو تشريعاً نحو ذلك الشيء، فإذا كان ذلك الشيء جزئيّاً خارجيّاً