المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

265

حكم العقل بحسنها، ومن ناحية كون المسارعة بذاتها محبوباً آخر للمولى ومستحبّاً، فلا محالة يتأكّد بذلك حسنها، ولا تلزم اللغويّة(1).

الوجه الثاني: أنّه لابدّ من حمل الأمر على الاستحباب حتّى لا يلزم تخصيص الأكثر المستهجن عرفاً؛ لخروج أكثر الواجبات وتمام المستحبّات.

وقد بنى على هذا الوجه السيّد الاُستاذ دامت بركاته(2)، بينما هذا الوجه وإن كان يتمّ على مبنانا من كون دلالة الأمر على الوجوب لفظيّة، حيث إنّه لو كان الأمر حينئذ مستعملا في معناه وهو الوجوب، لزم إخراج أكثر الواجبات وكلّ المستحبات من المدلول اللفظيّ للأمر، لكنّه لا يتمّ على مبناه ومبنى المحقّق



(1) لا يخفى: أنّ هذه الاعتراضات من قبل اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) مبنيّة على جعل الدليل على الإرشاديّة ضرورة كونها إرشاداً عقلا، كما يقال في «أطيعوا الله»، فهذه الاعتراضات كلّها تبيّن عدم ضرورة كونها إرشاداً، بل حتّى في مثل «أطيعوا الله» أيضاً لا ضرورة في كونه إرشاداً.

ولكن يمكن إقامة البيان على مطلب آخر غير حكم العقل والضرورة، وذلك بأن يقال: إنّ الشريعة حينما تأمر بشيء في مورد حكم العقل الواقع في سلسلة معلولات حكم الشرع تنصرف عرفاً إلى الإرشاد إلى حكم العقل، باعتبار مناسبة ذلك جدّاً، وترقّبه في سلسلة معلولات حكم الشرع، فوجوب الإطاعة حكم للعقل معلول لأوامر الشرع، والأمر بالإطاعة إن هو إلّا إرشاداً إلى ما هو معلول تلك الأوامر من وجوب الإطاعة عقلا، وكذلك المسارعة إلى المغفرة وإن لم تكن بعنوانها مورد حكم العقل بالحسن، لكنّها مصداق واقعيّ للاحتياط المحكوم بحسنه من قبل العقل في سلسلة معلولات أوامر الشارع، فينصرف الأمر بها عرفاً إلى الإرشاد إلى ذلك.

(2) راجع المحاضرات، ج 2، ص 216 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.