المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

266

النائينيّ (رحمه الله) من كون دلالة الأمر على الوجوب بحكم العقل، بمعنى: أنّ الأمر يدلّ على الطلب، فإذا لم يرد الترخيص حكم العقل بوجوب امتثاله، وإذا ورد الترخيص لم يحكم العقل بوجوب امتثاله، فإنّه على هذا المبنى لا يلزم تخصيص الأكثر؛ إذ اللفظ بذاته لم يدلّ على أزيد من طلب المسارعة، غاية ما هناك: أنّ هذا الطلب في أغلب الموارد اقترن بالترخيص في الخلاف، فلم ينعقد للعقل حكم بوجوب امتثاله، وأحياناً لم يقترن بذلك، فينعقد للعقل حكم بوجوب امتثاله.

الوجه الثالث: ما ذكره المحقّق العراقيّ (رحمه الله)(1): من أنّ ظاهر الأمر بالمسارعة كون المادّة التي تتعلّق بها المسارعة قابلة للإسراع فيها والتراخي والتأجيل، فيأمر المولى بالمسارعة، بينما لو وجبت المسارعة في الخير، سقط الخير عن الخيريّة على تقدير التأجيل، فلم تكن المادّة قابلة للإسراع تارةً وللتأجيل اُخرى.

وهذا الكلام بهذا المقدار لا يتمّ؛ إذ إنّما يأتي هذا الكلام لو فرض مفاد الأمر بالمسارعة عبارة عن الوجوب الشرطيّ، وعليه يكون الواجب مضيّقاً، ولا تصدق فيه المسارعة، وإنّما المدّعى هو الوجوب النفسيّ، ومعه لا يسقط الخير عن الخيريّة بالتأخير، غاية الأمر فوات خير آخر مستقلّ، وهو المسارعة، اللّهمّ إلّا إذا تكلّفنا بالقول بأنّ ظاهر جملة «استبقوا الخيرات» النظر إلى مجموع الخيرات، فيستفاد منه إمكانيّة التأجيل في مجموع الخيرات، بينما لو كانت المسارعة واجبة، فهي خير لا يمكن التأجيل فيه، إلّا أنّ هذا تكلّف غير صحيح؛ إذ لابدّ من صرف



(1) راجع المقالات، ج 1، ص 258 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ.