المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

268

هل يسقط الواجب بترك الفور؟

الأمر الثالث: في أنّه بناءً على الفور هل يسقط الواجب رأساً بترك الفور، أو أنّه بعد ترك الفور يبقى عليه أصل الواجب ويصبح موسّعاً، أو أنّه يجب عليه الإتيان به فوراً ففوراً؟

كلّ هذه الاحتمالات معقولة ثبوتاً، فمن الممكن أن يكون الواجب الحصّة الاُولى، فبتركها يسقط الواجب لا محالة، ومن الممكن أن يكون هناك واجبان: أحدهما الطبيعة المطلقة، والثاني الحصّة الاُولى، فبترك الثاني لا يسقط الأوّل، ويبقى عليه الواجب موسّعاً، ومن الممكن أن تكون هناك وجوبات متعدّدة بعدد الحصص، وتكون كلّ حصّة متأخّرة واجبةً على تقدير عدم الإتيان بالحصص السابقة، فينتج ذلك وجوب العمل فوراً ففوراً.

وأمّا بحسب الإثبات، فلابدّ من ملاحظة الوجه الذي يقال على أساسه بالفور، ليرى أنّ ذلك الوجه هل يقتضي أحد هذه الفروض بعينه حتّى يلتزم به، أو أنّه مجمل من هذه الناحية حتّى يرجع إلى الاُصول العمليّة، فنقول:

تارةً يبنى على الفور بدعوى دلالة الأمر على أخذه في متعلّقه بوجه من الوجوه، وعليه لا ينبغي الإشكال في سقوط الطلب بترك الفور؛ فإنّ الصيغة لا تدلّ إلّا على طلب واحد، وهذا الطلب الواحد قد تعلّق بالفعل مع الفور، فنسبته إلى الفعل مع الفور نسبة الوجوب إلى أجزاء الواجب الواحد، لا إلى أفراد الواحد.

وبكلمة اُخرى: إنّ المتعلّق للطلب هو العمل المقيّد بالفور، والمقيّد ينتفي بانتفاء قيده.

واُخرى يبنى على الفور بدعوى: أنّ العرف يفهم بالموازنة بين الدفع التشريعيّ والدفع التكوينيّ الفور؛ حيث إنّه يعطي بفهمه العرفيّ خواصّ التحريك التكوينيّ