المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

269

للتحريك التشريعيّ، ومن خواصّ التحريك التكوينيّ هو التحرّك فوراً، فتنعقد للأمر دلالة التزاميّة عرفيّة على الفور، وبناءً على هذا يتعيّن القول بوجوب العمل فوراً ففوراً؛ فإنّ هذا هو مقتضى الموازنة بين الدفع التشريعيّ والدفع التكوينيّ وإعطائه خصائص الدفع التكوينيّ.

وتوضيح ذلك: أنّ الدفع التكوينيّ باليد ونحوه لو فرض فيه: أنّ الشخص لم يندفع به، ومع ذلك بقي الدفع باليد مثلا مستمرّاً، فلا إشكال في أنّ ذلك يقتضي الاندفاع في الزمان الثاني فوراً، فإن لم يندفع أيضاً وبقي الدفع مستمرّاً، اقتضى الاندفاع في الزمان الثالث فوراً، وهكذا.

نعم، لو لم يبقَ الدفع مستمرّاً، بل انقطع بعد الزمان الأوّل، فطبعاً لا دفع في الزمان الثاني حتّى يقتضي الاندفاع فوراً، فالدفع التشريعيّ أيضاً ينبغي أن يكون من هذا القبيل، فلو بقي الدفع التشريعيّ مستمرّاً، اقتضى الاندفاع فوراً ففوراً، ومقتضى إطلاق المادّة هو بقاء الدفع التشريعيّ، فإنّه إنّما أمر بذات الطبيعة غير المقيّدة بالزمان الأوّل، وإنّما فرض الدلالة على الفور لا من باب تقيّد المتعلّق بالفور، بل من باب أنّ العرف فهم بالملازمة العرفيّة لزوم الفور، ولا مبرّر لجعل ذلك قيداً للمتعلّق بعد أن كان المتعلّق بذاته مطلقاً، إذن فالطلب يبقى مستمرّاً لا محالة، وإذا بقي مستمرّاً، اقتضى الاندفاع نحو العمل فوراً ففوراً قياساً له على الدفع التكوينيّ.

وثالثة يبنى على الفور بدعوى دلالة آيتي المسارعة والانسباق عليه، وحينئذ لا إشكال في أنّ الأمر لا يسقط بترك الفور؛ إذ لا وجه لجعل الفور قيداً لمتعلّق الأمر حتّى يسقط بتركه، وإنّما فهم وجوب الفور بأمر آخر مستقلّ، فبتركه لا يسقط الأمر الأوّل بلا إشكال، وإنّما الكلام في أنّه هل يبقى العمل واجباً فوراً ففوراً، أو يصبح العمل واجباً موسّعاً؟

ذهب المحقّق العراقيّ (رحمه الله) إلى أنّ الفور يسقط نهائيّاً، ويصبح العمل واجباً