المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

272

المائيّة، والفرد الثاني هو الطهارة الترابيّة، وهذا الفرد الثاني إنّما يكون فرداً للطهارة عند تعذّر الأوّل، فهم العرف من الأمر بالطهارة الأمر الاختياريّ بالغسل، والأمر الاضطراريّ بالتيمّم بعد العجز عن الغسل لضيق الوقت مثلا.

وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فحيث إنّ أفراد المسارعة أفراد طوليّة، فلا محالة يفهم من الأمر بالمسارعة الأمر بالفرد الأوّل، وفي طول تركه وفواته الأمر بالفرد الثاني اضطراراً، وهكذا، وهذا معناه وجوب العمل فوراً ففوراً.

التعليقة الثالثة: أنّنا نفرض اختيار الشقّ الأوّل، وهو أنّ المسارعة في الخير معناها منحصر في الإتيان بالفرد الأوّل من الخير، ومع ذلك نقول: إنّه يستفاد من دليل الأمر بالمسارعة في الخيرات وجوب العمل فوراً ففوراً.

وتوضيح ذلك: أنّ الخير عبارة عن الفعل الذي يكون أفضل من الناحية الشرعيّة للمكلف من تركه، فإذا كان للواجب عشرة أفراد طوليّة مثلا، فقبل أن يفوته الفرد الأوّل يكون الخير بالنسبة إليه عبارة عن الجامع بين العشرة؛ لأنّ فعله أفضل من تركه، وأمّا الجامع بين ما عدا الفرد الأوّل فليس خيراً، إذ بالإمكان تحقّق تركه في ضمن الإتيان بالفرد الأوّل، فلا يكون فعل الجامع بين ما عدا الفرد الأوّل أفضل من تركه، وبما أنّ المسارعة في الخيرات واجب، ومعنى المسارعة هو اختيار الفرد الأوّل، إذن يجب عليه الفور باختيار الفرد الأوّل، ولكن حينما يترك الفرد الأوّل ويفوته يصبح الجامع بين الأفراد التسعة الباقية خيراً؛ لأنّ فعله ـ بعد فرض فوت الفرد الأوّل ـ خير له من تركه، فتجب عليه المسارعة في هذا الخير، وذلك باختيار الفرد الأوّل منه الذي هو فرد ثان من الطبيعة، فإذا عصى وفاته الفرد الأوّل، أصبح الجامع بين الأفراد الثمانية الباقية خيراً؛ لأنّه بعد فوات ما سبق يكون فعل الجامع بين الأفراد الثمانية الباقية أفضل من تركه، فتجب المسارعة فيه باختيار فرده الأوّل الذي هو ثالث أفراد الطبيعة وهكذا، فالنتيجة هي وجوب العمل فوراً ففوراً.