المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

279

يجوز البدار مع احتمال ارتفاع العذر؛ لأنّه يسدّ باب تدارك الباقي اللازم التحصيل.

وقد يقال: ليس الجوازان متعاكسين، بل متى ما لم يجز البدار تكليفاً لم يكن هناك جواز وضعيّ؛ لأنّ النهي في العبادات يوجب الفساد.

أقول: إن فرض: أنّ عدم إمكان تدارك الباقي في القسم الثالث كان على أساس التضادّ بين الملاك الأصغر والملاك الأكبر، فلا مجال لهذا الإشكال؛ فإنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه، وإنّما يكون عدم جواز البدار على أساس إرشاد العقل إلى عدم البدار حفاظاً على المصلحة الأوفى، لا أنّ هناك نهياً مولويّاً عن ذلك. وإن فرض: أنّ عدم إمكان التدارك كان على أساس مانعيّة الملاك الأصغر عن الملاك الأكبر، فإن بنينا على إنكار المبغوضيّة والمحبوبيّة المقدّميّة، فأيضاً لا مجال لهذا الإشكال، وإن سلّمناها لكن بنينا على أنّ المبغوضيّة الغيريّة لا تبطل، فأيضاً لا مجال للإشكال.

نعم، لو كان عدم إمكان التدارك على أساس المانعيّة، وقلنا بالمبغوضيّة والمحبوبيّة المقدّميّة، وقلنا بمبطليّة المبغوضيّة الغيريّة، فهناك مجال للاستشكال في صحّة البدار بما عرفت من دعوى أنّ النهي في العبادات يوجب الفساد.

وقد يجاب على هذا الإشكال بأحد جوابين:

الجواب الأوّل: أنّ المبغوضيّة الغيريّة إن كانت موجبة للبطلان في سائر الموارد، ففي خصوص هذا المقام لا يمكن أن تكون موجبة للبطلان؛ وذلك لأنّ المبغوضيّة في المقام إنّما هي في طول صحّة العمل، حيث إنّه لو صحّ أوجب خسارة قسم مهمّ من الغرض لا يمكن تداركه، فلو نفت صحّةَ العمل لزم أن تنفي نفسها، ويكون وجودها مستلزماً لعدمها، وهذا غير معقول، فلا يقاس المقام بمثل