المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

29



وبكلمة اُخرى: إنّ الحسن مهما بلغ ذروته لا يستبطن الإلزام، وإنّما الإلزام عنصر مستبطن في القبح، فإنّ الإلزام عبارة اُخرى عن استحقاق الذمّ على المخالفة، وهو عبارة اُخرى عن قبح المخالفة، إذن فالفرق بين الواجب والمستحبّ في منطق العقل العمليّ عبارة عن أنّ المستحبّ ما لا يحكم العقل العمليّ بقبح تركه وإن حكم بحسن فعله، وعنصر الحسن غير عنصر قبح الترك، ومهما صعد الحسن في سلّمه لايعني قبح الترك، فالمستحبّ ما يكون حسناً وليس تركه قبيحاً كالعفو، والواجب ما يكون تركه قبيحاً سواء كان فعله حسناً بحسن آخر أو كان حسن فعله عبارة اُخرى عمّا فيه من الاحتراز عن القبيح، وأيضاً نقول: المكروه العقليّ ما يكون تركه حسناً من دون أن يكون فعله قبيحاً، وذلك من قبيل القصاص في مورد يحسن العفو، والحرام العقليّ ما يكون فعله قبيحاً سواء كان تركه حسناً بحسن آخر أو كان حسن تركه عبارة اُخرى عمّا فيه من الاحتراز عن القبيح، ومثال ذلك إيذاء شخص بلا سبب، فإنّه قبيح وحرام عقلاً، وتركه لا حسن فيه إلّا بمعنى مجانبة القبح؛ ولذا ترى أنّ فاعل الإيذاء يستحقّ الذمّ والتقاصّ من قبل الشخص المؤذى، ولكن تارك الإيذاء لا يستحقّ شكراً من قبل الشخص الذي لم يؤذه.

والآن نعود مرّةً اُخرى إلى حديثنا عن الوجوب والاستحباب الشرعيّين؛ لنفتح قوساً آخر لكلام خارج عن حريم علم الاُصول:

ملاك الانبعاث عن التكليف في النظر العرفانيّ:

قد عرفنا ممّا سبق أنّ المقياس الثبوتيّ للوجوب الشرعيّ هو إرادة المولى سبحانه وتعالى أن نكون مقيّدين ومتعبّدين:

چرا پاى كوبم چرا دست يازم *** مرا خواجه بى دست وپا مى پسندد