المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

294

بين الوالد وولده فهذا الدليل لا يدلّ على انتفاء الربا ـ وهو الموضوع ـ حتّى ينتفي الحكم والمحمول، وفي ما نحن فيه لو سلّمت كلّ هذه الدلالات، فغايته النهي عن إيقاع النفس في الاضطرار، أمّا لو أوقع نفسه في الاضطرار، أو وقع قهراً في الاضطرار، فدليل الحكم الواقعيّ الاختياريّ لم ينفِ تحقّق هذا الاضطرار حتّى يكون حاكماً على دليل الحكم الاضطراريّ ومقدّماً عليه.

التقريب الثالث: ما ذكره المحقّق العراقيّ (رحمه الله): من أنّ دليل الأمر الاضطراريّ حينما يطلق يدلّ بإطلاقه على الوجوب التعيينيّ للصلاة الجلوسيّة مثلا، كما هو الحال في كلّ أمر؛ فإنّه ظاهر بإطلاقه في التعيينيّة، وتعيينيّة هذا الأمر ملازمة للإجزاء؛ وذلك لأنّ المحتملات الثبوتيّة في العمل الاضطراريّ الذي اُمر به من حيث الوفاء بالغرض ثلاثة:

الاحتمال الأوّل: أن يكون وافياً بتمام الغرض، فيوجب الإجزاء بملاك استيفاء الغرض، ولكن هذا الاحتمال منفيّ بظهور الأمر في التعيين؛ إذ لو كان العمل الاضطراريّ وافياً بتمام الملاك، إذن لكان الملاك في الجامع بين أن يأتي بالفعل الاختياريّ بعد زوال عذره، وأن يأتي بالفعل الاضطراريّ حين العذر، فلابدّ من الأمر بالجامع بينهما، ولا مبرّر للأمر التعيينيّ بخصوص الفعل الاضطراريّ.

الاحتمال الثاني: أن يكون وافياً ببعض الغرض لا بتمام الغرض، وأن يمكن استيفاء باقي الغرض بالإتيان بالفعل الاختياريّ بعد زوال العذر، وهذا معناه: أنّ الغرض كأنّما ينقسم إلى ملاكين: أحدهما موجود في الجامع بين الفعلين، والآخر موجود في خصوص الحصّة الاختياريّة، وهذا يوجب عدم الإجزاء، لكن ظهور الأمر الاضطراريّ في التعيينيّة أيضاً ينفي هذا الاحتمال؛ فإنّ الأمر بالحصّة الاضطراريّة إنّما هو لأجل الملاك المشترك بين الحصّتين، بينما هذا يوجب الأمر التخييريّ بالجامع، لا الأمر التعيينيّ بالحصّة الاضطراريّة، ولا مبرّر للأمر التعيينيّ بالفعل الاضطراريّ.