المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

31



إلى ما يشتهيه، وليكن هذا معنىً آخر أو شعبة اُخرى لمصلحة التسهيل، وإلى هذا ينظر بعض الأدلّة الدالّة على ذمّ الالتزام بترك بعض المباحات كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ)(1)، وقوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَة)(2)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(3)، والتعبير الوارد في بعض الروايات: «إنّ الله يغضب على من لا يقبل رخصه»(4)، وفي بعضها الآخر: «لأنّ الله عزّ وجلّ يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه»(5).

وثانيهما: حبّه لمجرّد أن لا يكون العبد مُلزماً، أو أن لا يكون شاعراً بالإلزام، ويا حبّذا أن يفعل الفعل المحبوب لله بمحض اختياره ومن دون إلزام، وهذا هو المعنى الذي كان مقصوداً في بحثنا، وهذا طبعاً يلازم تقيّد العارف بالله بفعل المستحبّات وترك المكروهات، إلّا بمقدار ما يقع فيما بينها من التزاحم بلحاظ ضيق في قدرة العبد.

وممّا يبعث بالاستغراب: أنّ النصّ الذي يكون صحيحاً سنداً من نصوص: «أن الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه» ظاهره الأوّليّ وروده في مورد المكروهات،


(1) سورة المائدة، الآية: 87.

(2) سورة الأعراف، الآية: 32.

(3) سورة التحريم، الآية: 1.

(4) البحار، ج 80، ص 335، آخر الحديث 6.

(5) البحار، ج 93، ص 5.