المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

312

فقد ذكر صاحب الكفاية (رحمه الله): أنّ مقتضى الأصل العمليّ هو البراءة، وذكر: أنّ جريان البراءة عن القضاء يكون بطريق أولى من جريان البراءة عن الإعادة في الوقت(1).

والتحقيق: أنّه تارةً نفترض: أنّ القضاء ليس بأمر جديد، كما لو كان نفس الأمر الأوّل في الحقيقة أمرين: أحدهما: الأمر بجامع الصلاة الأعمّ من الصلاة في الوقت وخارجه، والثاني: الأمر بإيجاد الصلاة في الوقت، واُخرى نفترض: أنّ القضاء بأمر جديد، موضوعه الفوت.

أمّا في الفرض الأوّل، فالصحيح هو جريان البراءة من باب: أنّ الصحيح في دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو البراءة؛ فإنّ ما نحن فيه من هذا القبيل. وتوضيحه: أنّه لا إشكال في أنّ هذا الشخص مأمور بأمر تعيينيّ ـ إمّا بالأصالة، أو من باب تعذّر أحد الفردين ـ بالصلاة الجلوسيّة داخل الوقت، وهو مأمور بأمر آخر الذي هو عبارة عن الأمر بالجامع بين الصلاة في الوقت والصلاة خارجه، وهذا الأمر بالجامع مردّد بين أن يكون أمراً بخصوص الصلاة القياميّة، فلا إجزاء، أو أن يكون أمراً تخييريّاً بالجامع بين الصلاة القياميّة بلا قيد الوقت والصلاة الجلوسيّة الاضطراريّة في الوقت، فيثبت الإجزاء. فإذا قلنا بالبراءة عن التعيين عند الدوران بين التعيين والتخيير، تجري البراءة هنا، ولكن ليست البراءة هنا بأولى من البراءة عن الإعادة في ما لو ارتفع العذر في الأثناء، بل الأمر على العكس، فإنّه كان يلزم هناك دوران الأمر بين التعيين والتخيير مع تيقّن وجوب الجامع بحدّه الجامعيّ، بينما هنا ليس الأمر هكذا، فإنّه بلحاظ الأمر الثاني لا علم لنا بوجوب الجامع بين الصلاة القياميّة والصلاة الجلوسيّة.



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 130 بحسب طبعة المشكينيّ.