المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

314

إجزاء الأمر الظاهريّ

المقام الثاني: في إجزاء الأمر الظاهريّ عن الواقع وعدمه.

والكلام تارةً يقع في فرض انكشاف الخلاف بالجزم واليقين، واُخرى في فرض تبدّل الحكم الظاهريّ:

أمّا إذا فرض انكشاف الخلاف بالجزم واليقين، فمقتضى الطرحة الأوّليّة للكلام هو القول بعدم الإجزاء؛ إذ الحكم الظاهريّ في مرتبة متأخّرة من الحكم الواقعيّ، وفي طوله، وموضوعه الشكّ في الحكم الواقعيّ، فهو لا يتصرّف في الحكم الواقعيّ، فيكون الحكم الواقعيّ باقياً على حاله، ويتطلّب ـ لا محالة ـ من العبد الإعادة أو القضاء، إلّا أنّه قد يقرّب الإجزاء بعدّة تقريبات، أهمّها تقريبان:

التقريب الأوّل: ما ذهب إليه صاحب الكفاية (رحمه الله) من التفصيل بين حكم ظاهريّ ثبت بلسان جعل الحكم المماثل للواقع، كأصالة الحلّ والطهارة في رأيه، وحكم ظاهريّ ثبت بلسان إحراز الواقع وإن كان لبّاً حكماً ظاهريّاً وراء الواقع، ففي الأوّل مقتضى القاعدة الإجزاء، بخلاف الثاني، فمثلا لو صلّى مع أصالة الطهارة ثُمّ انكشف الخلاف، فمقتضى القاعدة الإجزاء؛ لأنّ دليل أصالة الطهارة يوسّع من موضوع دليل اشتراط الطهارة في الصلاة، فتصبح الصلاة واجدة لشرطها، بينما لو صلّى مع إثبات الطهارة بالأمارة مثلا، فهذه الأمارة لا تفيد شيئاً بعد انكشاف الخلاف؛ إذ إنّ شرط صحّة الصلاة غير موجود؛ لعدم الطهارة، لا طهارة واقعيّة بحسب الفرض، ولا طهارة ظاهريّة؛ لأنّ الدليل لم يدلّ على جعل طهارة ظاهريّة(1).



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 133 ـ 134 بحسب طبعة المشكينيّ.