المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

317

ومنها: ما اتّفق أيضاً عليه المحقّق النائينيّ (رحمه الله) والسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ من النقض بسائر أحكام الطهارة، من قبيل اشتراط طهارة الماء في الوضوء، ومن قبيل الحكم بطهارة الملاقي إذا كان الملاقى طاهراً ونحو ذلك، حيث لا يظنّ بصاحب الكفاية، ولا بأيّ فقيه آخر أن يقول مثلا: لو توضّأ أحد بماء ثبتت طهارته بأصالة الطهارة، ثُمّ انكشف الخلاف، صحّ وضوؤه، ولو لاقت يده مع ما ثبتت طهارته بأصالة الطهارة، ثُمّ انكشفت نجاسته، لم تنجس يده(1).

ولصاحب الكفاية (رحمه الله) أن يجيب عن هذه النقوض بفرضيّة اُصوليّة عهدة إثباتها صغروريّاً، أو نفيها كذلك في ذمّة الفقه، وذلك بأن يقول: إنّ أصالة الطهارة إنّما توسّع موضوع حكم اُخذ فيه الطهارة، ولا تضيّق موضوع حكم اُخذ فيه النجاسة؛ وذلك لأنّ أصالة الطهارة توجد طهارة اُخرى ظاهريّة في مقابل الطهارة الواقعيّة، ولا تُفني النجاسة الواقعيّة، فإذا ثبت في الفقه أنّ الطهارة هي الشرط في الصلاة، ولكن النجاسة هي المانعة عن صحّة الوضوء، أو الموجبة لتنجّس الملاقي، كان التفصيل بين دليل شرطيّة الطهارة في الصلاة من ناحية، ومثل دليل عدم صحّة الوضوء بالماء النجس، أو تنجّس ملاقي النجس من ناحية اُخرى بأن يحكم دليل أصالة الطهارة على الأوّل دون الأخيرين أمراً معقولا.

فإن قلت: إنّ أصالة الطهارة التي تدلّ بالمطابقة على إثبات الطهارة لو لم تدلّ بالملازمة العرفيّة على نفي النجاسة، فكيف يصحّح صاحب الكفاية الوضوء بماء ثبتت طهارته بأصالة الطهارة بناءً على كون النجاسة مانعة عن الوضوء! فإنّه لا إشكال في أنّه يُبنى على صحّة الوضوء ظاهراً مادام الشكّ، مع أنّه لم يثبت عدم



(1) راجع فوائد الاُصول، ج 1، ص 251 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات، ج 1، ص 199 ـ 200 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق السيّد الخوئيّ (رحمه الله)، والمحاضرات للفيّاض، ج 2، ص 254 ـ 255 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.