المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

318

النجاسة بحسب الفرض؛ لأنّ أصالة الطهارة إنّما أثبتت الطهارة ولم تنفِ النجاسة، ولو دلّت بالملازمة العرفيّة على نفي النجاسة بدعوى الملازمة عرفاً حتّى في مرحلة التعبّد بين الطهارة وعدم النجاسة، إذن فأصالة الطهارة كما تحكم على أدلّة الأحكام التي اُخذ في موضوعها الطهارة بتوسيع الموضوع كذلك تحكم على أدلّة الأحكام التي اُخذ في موضوعها النجاسة بتضييق الموضوع، فإن فرضت الحكومة واقعيّة، ثبت الإجزاء في كلا القسمين، وإن فرضت ظاهريّة لم يثبت الإجزاء في كلا القسمين، فكون الطهارة شرطاً أو النجاسة مانعة لا يصلح فارقاً في المقام.

قلت: هذا البيان إنّما يتمّ لو كان مقصود صاحب الكفاية الحكومة التنزيليّة والادّعائيّة بهدف إسراء الحكم، أمّا بناءً على ما حملنا عليه كلامه من إيجاد الفرد الحقيقيّ للموضوع، فالفرق بين فرض شرطيّة الطهارة وفرض مانعيّة النجاسة واضح، فإنّ المفروض: أنّ الشرط هو مطلق الطهارة أعمّ من الواقعيّة والظاهريّة، وأصالة الطهارة توجد طهارة ظاهريّة، فيصبح العمل صحيحاً واقعاً؛ فإنّه يكفي في صحّة العمل وجود أحد أفراد الشرط، وأمّا في طرف المانعيّة، فلابدّ في صحّة العمل من انتفاء كلّ أفراد المانع، ومنها النجاسة الواقعيّة، بينما ليس بمقدور أصالة الطهارة نفي النجاسة الواقعيّة حقيقة، وإلّا لأصبحت أصالة الطهارة حكماً واقعيّاً لا ظاهريّاً، وهو خلف.

نعم، يوجد لهذا الكلام لازم(1)، لا أدري هل يلتزم صاحب الكفاية به أو لا، وهو



(1) يعني لو بنينا على أنّ أصالة الطهارة تنفي النجاسة تعبّداً، ولهذا يصحّ ظاهراً الوضوء بماء طاهر ظاهريّ مادام الشكّ باقياً رغم ما فرضنا من أنّ النجاسة مانعة عن صحّة الوضوء لا أنّ الطهارة شرط لها، وبنينا على أنّ الطهارة الظاهريّة تخلق فرداً واقعيّاً للشرط حينما تكون الطهارة شرطاً، وجب أن نبني أيضاً على أنّ النجاسة الظاهريّة تخلق أيضاً فرداً واقعيّاً للمانع حينما تكون النجاسة مانعة، فالنتيجة أنّه لو توضّأ أحد رجاءً بماء نجس نجاسة ظاهريّة ثمّ انكشفت طهارته كان وضوؤه باطلاً.