المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

324

الآخر أو لا، والأمر الذي سقط بالامتثال لا مبرّر لعوده مرّة اُخرى.

الاحتمال الثالث: الطريقيّة الصرف، وهو ما حقّقناه ثبوتاً، واخترناه إثباتاً في مبحث الجمع بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة، وهو: أنّ الحكم الظاهريّ لم ينشأ إلّا لأجل الحفاظ على ملاكات الأحكام الواقعيّة بقدر الإمكان مع مراعاة الأهمّ فالأهمّ، وهذا يساوق عدم الإجزاء وعدم التصويب؛ إذ لم يفرض فيه ارتفاع الواقع؛ إذ مقتضى إطلاق دليل الحكم الواقعيّ بقاؤه ووجوب إعادة العمل، ومقتضى إطلاق دليل القضاء وجوب القضاء، ولم يحصل في الوظيفة الظاهريّة استيفاء لملاك الواقع.

الاحتمال الرابع: افتراض مصالح في مؤدّى الأمارة والأصل تحفّظاً على ظهور الأمر في كونها حقيقيّة، بدعوى: أنّه كما أنّ الأمر ظاهر في النفسيّة والعينيّة والتعيينيّة في مقابل الغيريّة والكفائيّة والتخييريّة، كذلك ظاهر في الحقيقيّة، بمعنى نشوئه من مصلحة في متعلّقه في مقابل الطريقيّة، فهذا نحو من السببيّة، ولكنّه لا يلزم منه التصويب ولا الإجزاء؛ إذ لم يفترض بهذا المقدار: أنّ المصلحة من سنخ مصلحة الواقع بحيث تستوفى بها مصلحة الواقع، فيرجع إلى إطلاق دليل الحكم الواقعيّ، وهذا معناه عدم الإجزاء وعدم التصويب.

الاحتمال الخامس: القول بالسببيّة ووجود مصلحة في نفس جعل الحكم الظاهريّ دفعاً لشبهة ابن قبة، من قبح تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة، بأن يقال: إنّ التفويت قبيح، إلّا إذا كان لمصحلة في نفس التفويت.

وهذا ما تصوّره بعضهم في الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ، وهذا أيضاً لا يوجب الإجزاء ولا التصويب؛ فإنّ مصلحة الواقع لم يفرض تداركها بشكل من الأشكال، وإنّما افترض تدارك قبح التفويت بمصلحة في التفويت من دون فرض تدارك مافات بشيء.