المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

325

الاحتمال السادس: السببيّة بالنحو الذي سمّي في كلمات المحقّق النائينيّ (رحمه الله)بالمصلحة السلوكيّة. وهذا أيضاً لأجل دفع شبهة ابن قبة، إلّا أنّ فرقه عن الاحتمال الخامس: أنّ المصلحة في الاحتمال الخامس كانت في نفس الجعل، وكان يتدارك بها قبح التفويت من دون أن يتدارك بها الفائت، وهنا في عمل المكلف، ويتدارك بها الفائت، ولكنّه ليس في عمل المكلّف بعنوانه الأوّليّ، بل فيه بعنوان ثانويّ، وهو عنوان سلوك طريق الأمارة واتّباعه بالمقدار الذي يكون مفوّتاً لمصلحة الواقع، فيتدارك بذلك المقدار، فإذا ارتفع الجهل في أثناء الوقت، وجبت عليه الإعادة؛ لأنّ الأمارة لم تفوّت عليه أكثر من فضيلة أوّل الوقت، فالتدارك الثابت ببرهان قبح التفويت إنّما هو تدارك فضيلة أوّل الوقت، وأمّا أصل العمل في الوقت، فبإمكانه أن يأتي به، ومقتضى إطلاق دليل الواقع وجوب الإتيان به، وإذا ارتفع الجهل بعد الوقت، فإن قلنا: إنّ القضاء بالأمر السابق، أي: أنّ الأمر السابق ـ في الحقيقة ـ عبارة عن أمرين: أمر بالصلاة، وأمر بإيقاعها في الوقت، فأيضاً من الواضح عدم الإجزاء، فإنّ التدارك إنّما هو بمقدار ما فات، وهو الإيقاع في الوقت لا أصل الصلاة، وأمّا إن قلنا: إنّ القضاء بأمر جديد موضوعه الفوت، فقد ذكر السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ: أنّه لا يجب القضاء؛ لأنّه فرع الفوت وخسارة المصلحة، ولا خسارة هنا؛ لأنّ المصلحة متداركة جميعاً بالعمل بالحكم الظاهريّ في داخل الوقت(1).

أقول: تارةً نفترض: أنّنا نستظهر من دليل القضاء أنّه ليس لمصلحة مستقلّة بعد انتهاء مصلحة الصلاة الأدائيّة بانتهاء الوقت، بل هو ـ في الحقيقة ـ بيان لكون مصلحة الصلاة باقية، وإنّما كانت خصوصيّة إيقاعها في الوقت مشتملة على



(1) المحاضرات، ج 2، ص 276 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.