المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

330

الثالث: أن يقال: إنّ تحقّق الملاك في الجامع إنّما هو متولّد من الأمر بالواقع تعييناً؛ إذ لولا ذلك لم يكن جامع بين الواقع ومؤدّى الأمارة المخالفة حتّى يتحقّق فيه الملاك، فلا يمكن أن يوجب ذلك انقلاب الأمر التعيينيّ إلى الأمر التخييريّ؛ فإنّ الشيء يستحيل أن ينفي علّته، وبالتالي ينفي نفسه.

ويرد عليه:

أوّلا: النقض بأنّ الوصول إلى هذه النتيجة المستحيلة، وهي لزوم نفي الشيء لعلّته، وبالتالي لنفسه كان من أثر مجموع أمرين: أحدهما: افتراض تولّد ملاك في الجامع من الأمر التعيينيّ بالواقع، والثاني: افتراض أنّه إذا صار الملاك في الجامع، انتفى الأمر التعيينيّ بالواقع، وتبدّل إلى الأمر التخييريّ، فلماذا يكون فساد النتيجة برهاناً على بطلان الأمر الثاني، فليكن برهاناً على بطلان الأمر الأوّل؟!(1).

وثانياً: الحلّ بأنّ كون الملاك في الجامع ليس وليداً لتعلّق الأمر التعيينيّ بالواقع، وإنّما إمكانيّة الإتيان بالفرد الثاني من هذا الجامع خارجاً، وهو العمل بما يخالف الواقع باعتباره مؤدّى أمارة مخالفة للواقع، هو الوليد لتعلّق الأمر بالواقع. هذا.

وقد تلخّص بكلّ ما ذكرناه: أنّ الإجزاء والتصويب في الحكم الظاهريّ متلازمان، ففي الاحتمالين الأوّلين يثبت الإجزاء والتصويب معاً، وفي ما بعدهما من الاحتمالات الأربعة لا إجزاء ولا تصويب، والاحتمال السابع غير معقول في نفسه.



(1) بل هذا ـ أي: كونه برهاناً على بطلان الأمر الأوّل ـ هو المتعيّن؛ لأنّ كون الشيء علّة لما يقتضي إفناءه محال، لا أنّ هذا ممكن، ولكن استحالة إفناء الشيء لعلّته توجب عدم فناء العلّة، فإنّ نفس كون الشيء علّة لما يقتضي إفناءه يعني اقتضاء الشيء لفناء نفسه، وهذا محال، وبهذا البيان يصبح هذا الجواب حلّيّاً، لا نقضيّاً.