المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

331

إلّا أنّ ما قلناه: من الملازمة بين الإجزاء والتصويب إنّما هي في الإجزاء بملاك الاستيفاء، وأمّا الإجزاء بملاك التعذّر، فبالإمكان افتراض تحقّقه من دون تحقّق التصويب، وذلك كما لو فرض: أنّ مصلحة الحكم الظاهريّ هي مصلحة في مقابل مصلحة الواقع، ومضادّة لها في الوجود، أي: لا يمكن تحصيلهما معاً، فمع تحصيل أحدهما تتعذّر الاُخرى، فحينئذ يثبت الإجزاء لا محالة؛ إذ بعد العمل بالحكم الظاهريّ لا يمكن استيفاء ملاك الحكم الواقعيّ، لكن لا يلزم التصويب، وتبدّل الوجوب التعيينيّ للظهر مثلا إلى الوجوب التخييريّ بين الظهر والجمعة (فيما لو فرض: أنّ الحكم الواقعيّ هو وجوب الظهر، والحكم الظاهريّ هو وجوب الجمعة)؛ وذلك لأنّ الحكم الظاهريّ وهو وجوب الجمعة لا نفترض وجدانه لمصلحة الواقع حتّى يلزم تعلّق الأمر بالجامع وعلى سبيل التخيير، بل نفترض وجدانه لمصلحة اُخرى في مقابل مصلحة الواقع غير قابلة للجمع مع مصلحة الواقع.

نعم، يوجد في هذا الفرض إشكال في دعوى عدم لزوم التصويب، وذلك بأن يقال: إنّه إمّا أن تفرض مصلحة الواقع مع مصلحة الحكم الظاهريّ متساويتين، أو يفرض أنّ مصلحة الحكم الظاهريّ أنزل بمراتب من مصلحة الواقع، فمع فرض التساوي ينقلب ـ لا محالة ـ الحكم من الإيجاب التعيينيّ إلى الإيجاب التخييريّ؛ إذ لا ترجيح لإحدى المصلحتين على الاُخرى، ولا يمكن استيفاؤهما معاً، ومع فرض كون مصلحة الحكم الظاهريّ أنزل بمراتب من مصلحة الواقع لا معنى لأن يأمر المولى بالحكم الظاهريّ، فإنّه أمرٌ بما يفوّت المصلحة الأقوى.

والجواب: أنّه بالإمكان أن نختار كلاًّ من الشقّين، ومع ذلك ندفع الإشكال:

فتارةً نختار الشقّ الأوّل، وهو: أنّ المصلحتين متساويتان، ولكن كلّ من المصلحتين هي مصلحة تعيينيّة، بحيث لو أمكن استيفاؤهما معاً، وجب ذلك، إلّا