المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

339

ويمكن إثبات وجوب القضاء عليه بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: أن يؤتى هنا بنفس الجواب الذي أتينا به في الصورتين السابقتين: من أنّ الأمر بالقضاء ليس دائماً واقعيّاً، بل هو يدور مدار مافات، ومادام أنّه كان يجب عليه أن يأتي بصلاة الظهر في الوقت ـ ولو للعلم الإجماليّ ـ يجب عليه القضاء في خارج الوقت.

وهذا الوجه تماميّته هنا أصعب منها في الصورتين السابقتين؛ وذلك لأنّه كان يكفي في الصورتين السابقتين أن يدّعى: أنّ قوله: «اقض مافات كما فات» ناظر إلى كلّ الوجوبات الشرعيّة والخطابات المجعولة له تعالى، واقعيّة كانت أو ظاهريّة، فهو ـ تعالى ـ يأمر بقضاء مافات من أوامر أمراً واقعيّاً فيما لو فاته أمر واقعيّ، وظاهريّاً فيما لو فاته أمر ظاهريّ، وأمّا في المقام، فلم يثبت فوت أمر إلهيّ منه، وإنّما القدر المتيقّن فوت شيء كان منجّزاً عليه من قبل العقل بالعلم الإجماليّ، فلكي يشمله دليل القضاء يجب أن يفرض: أنّ هذا الدليل أرحب صدراً من قبول الواجبات الشرعيّة فقط، فيشمل حتّى الوظائف التي كانت لأجل حكم العقل بالتنجيز من دون ثبوت كونها شرعيّة، فيُثبت دليل القضاء في ذلك وجوباً ظاهريّاً للقضاء.

الوجه الثاني: استصحاب عدم الإتيان بالواجب بناءً على أنّ موضوع القضاء هو عدم الإتيان، لا الفوت.

وهذا الوجه غير صحيح؛ إذ ليس الشكّ في إتيان شيء وعدم الإتيان به، بل هو يقطع بأنّه أتى بالجمعة، وبأنّه لم يأتِ بالظهر، وإنّما الشكّ في أنّ أيّاً منهما هو الواجب، فلا معنى لاستصحاب عدم الإتيان بالواجب.

ومن هنا يتّضح: أنّ ثبوت الإشكال في وجوب القضاء هنا لا يفرّق فيه بين فرض كون الموضوع لوجوب القضاء ـ بناءً على كونه بأمر جديد ـ هو الفوت، أو عدم الإتيان.