المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

356

محتاج، قلنا: هل هذا الاحتياج متولّد ممّا سوف يقوم به من صلاة الليل، ومرتبط بذلك، أو لا؟ فإن قيل: لا، لزم وجوب الصوم على كلّ أحد؛ إذ صلاة الليل لا دخل لها في ملاك الحكم حسب الفرض، وإن قيل: نعم، قلنا: هذا معناه تأثير المتأخّر في المتقدّم؛ إذ معنى ذلك: أنّه أثّرت صلاة الليل التي هي في ليلة الأحد في الاحتياج يوم السبت إلى الصوم، والاحتياج إلى الصوم أمر تكوينيّ خارجيّ ثابت بقطع النظر عن الحكم، وفي المرتبة السابقة عليه ـ على ما هو مذهب العدليّة من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد ـ فقد أثّرت صلاة الليل في أمر خارجيّ سابق عليها زماناً، وهو محال.

والإشكال في هذا المقام أقوى متانةً من الإشكال في عالم الجعل أو المجعول، وهو الإشكال المركّز في شرائط الوجوب.

وجوابه: أنّنا نفترض: أنّ صلاة الليل دخيلة في احتياجه إلى الصوم، لكن لا في احتياجه يوم السبت الذي انتهى إلى الصوم حتّى يلزم تأثير المتأخّر في المتقدّم، بل في احتياجه حين الصلاة، وفي ليلة الأحد إلى الصوم، واحتياجه حين الصلاة إلى الصوم يتصوّر بأحد أنحاء ثلاثة:

1 ـ احتياجه في ذلك الحين إلى الصوم في ذلك الحين، أو في وقت متأخّر، وهذا يناسب الشرط المقارن أو المتقدّم.

2 ـ احتياجه في ذلك الحين إلى الصوم في اليوم السابق، إلّا أنّه حين الاحتياج يكون عاجزاً عن تحصيل ما يحتاجه إليه، فلا محالة يوجب المولى عليه تحصيل ذلك في اليوم السابق، فيتمّ الشرط المتأخّر بلا إشكال، سنخ ما لو رأى المولى أنّ عبده سيحتاج في الشتاء إلى شراء الفحم بشرط بقائه حيّاً إلى ذلك الوقت، إلّا أنّه لا يمكنه شراء الفحم إذا جاء الشتاء، فيوجب عليه شراء الفحم في الصيف شريطة حياته في الشتاء.