المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

358

التأثير والتأثّر، وتحصيص المفهوم كما قد يكون بالشيء المقارن كذلك قد يكونبالمتأخّر، وكذا المتقدّم، فيقال: الإنسان الذي هو عالم، أو يقال: الإنسان الذي سيكون عالماً، أو يقال: الإنسان الذي كان عالماً، وهذا ليس معناه افتراض تأثير للعلم في الإنسان حتّى يقال: لا يمكن فرضه متأخّراً عن وقت التأثير فيه.

وأمّا الثاني: فالشرط بلحاظ الملاك يكون شرطاً بالمعنى الأوّل، أي: أنّه من مكمّلات العلّة، ويكون مؤثّراً في مقام حصول الملاك، كما قلنا فيما سبق: إنّ مقدّمة الواجب لها دخل في تحصيل المصلحة، بخلاف مقدّمة الوجوب التي لها دخل في كون الشيء ذا مصلحة، وعندئذ يقال: إنّ نسبة هذا الشرط وهو الغسل في الليل إلى الملاك تكون من قبيل نسبة الملاقاة أو الجفاف إلى الإحراق، ونسبة الصوم إلى الملاك تكون من قبيل نسبة النار إلى الإحراق، أي: أنّ دور الصوم دور المقتضي، ودور الغسل دور شرائط تأثير المقتضي.

وعليه فنقول: هل الغسل يؤثّر في حصول الملاك على حدّ تأثير الشرط في المشروط في وقت الغسل وهو الليل، أو يؤثّر في ذلك في وقت الصوم وهو النهار؟

فإن فرض الثاني، لزم تأثير المتأخّر في المتقدّم، وهو محال، وإن فرض الأوّل، لزم حصول المشروط والمقتضى بعد انعدام المقتضي، فإنّ الموجد الرئيس للملاك والمقتضي له إنّما هو الصوم، وهو قد انتهى، فكيف يمكن افتراض إيجاده للمقتضى بعد الغروب، وليس هذا إلّا من قبيل افتراض: أنّ النار التي لم تحرق حين وجودها لعدم جفاف الشيء تحرق بعد انعدامها عندما يجفّ ذلك الشيء.

وقد أجاب صاحب الكفاية (رحمه الله)(1) على هذا الإشكال بما يكون توضيحه بتقديم أمرين:



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 147 ـ 148 بحسب الطبعة المشتملة في الحاشية على تعليقات المشكينيّ.