المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

361

إلى أمر من اُمور القسم الثالث، وهو القبليّة، فيفرض: أنّ حسن الصوم مشروط بكونه واقعاً قبل الغسل، والقبليّة تنشأ من مقايسة العقل بين الصوم والغسل التي هي حاضرة دائماً لدى العقل، وثابتة بالفعل، فيصبح الشرط مقارناً في الحقيقة(1).

والصحيح: أنّ الشرط المتأخّر في باب المصالح والمفاسد أيضاً معقول، ولا يختصّ بأحكام المولى تعالى، بل يوجد أيضاً في أحكام أشخاص لا يهتمّون بالحسن والقبح أصلا، فالطبيب مثلا يأمر المريض بشرب الدواء الفلانيّ، ويقول له: إنّ شرط تأثيره أن تمشي بعد ذلك، أو تمتنع عن الطعام بعد ذلك أو نحو ذلك، ونحن بعد أن نفترض الموافقة على الاُصول الموضوعيّة لكلام المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله)، أو الاُصول الموضوعيّة التي افترضناها لكلامه، فغاية ما ينتج ذلك حلّ الإشكال في الأحكام القائمة على أساس الحسن والقبح، وهذا لا يكفي في حل إشكال الشرط المتأخّر كظاهرة معاشة في كثير من الأحكام التي لا ريب في قيامها على أساس المصالح والمفاسد.

والتحقيق: أنّ الإشكال يمكن حلّه في الأحكام القائمة على أساس المصالح والمفاسد؛ وذلك لأنّ الإشكال نشأ من افتراض: أنّ المأمور به هو المقتضي للمصلحة المتوخّاة، وهي صحّة المزاج مثلا في مثال المريض الذي يؤمر بشرب



(1) بل الظاهر من عبارة الكفاية أنّه ينظر إلى الأمر الأوّل فحسب المفهوم من تقسيم الحكماء الأشياء إلى ثلاثة أقسام، فلا يخصّص الجواب بفرض كون ملاك الحكم هو الحسن والقبح، بل يجعله شاملاً لما إذا كان الملاك هو المصلحة والمفسدة ويقول: إنّها من القسم الثالث فهي من الاعتباريّات الواقعيّة، وهي أمر بين الأمرين، أي: ليست من الموجودات الحقيقيّة خارجاً، بل هي من الإضافات من قبيل القبليّة والبعديّة، وليس بابها باب التأثير والتأثّر الخارجيّين حتّى يلزم الإشكال.