المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

362

الدواء، وأنّ الشيء المتأخّر هو الشرط في تحقّق تلك المصلحة، فيقال: لو فرض تحقّق المصلحة حين المقتضي، لزم تأثير المتأخّر في المتقدم، ولو فرض تحقّقها حين الشرط، لزم تأثير المقتضي بعد انقضائه، وكلاهما محال، في حين أنّ هنا فرضاً آخر به ينحلّ الإشكال، وهو افتراض: أنّ ما فرض مقتضياً للمصلحة المتوخّاة ليس مقتضياً لذلك بالمباشرة، بل هو يوجد أثراً معيّناً، تلك هي الحلقة المفقودة بين هذا المأمور به والمصلحة المتوخّاة، وذلك الأثر يبقى إلى زمان الشرط المتأخّر، فبمجموعهما تكتمل أجزاء علّة المصلحة المتوخّاة، فتحصل المصلحة، فشرب الدواء مثلا يولّد حرارة معيّنة في الجسم، وتلك الحرارة تبقى إلى زمان المشي والامتناع عن الطعام، فتؤثّر الصحّة المزاجيّة المطلوبة، وهذا شيء مطّرد في كلّ المقتضيات التي يظهر أثرها بعد انضمام شرط متأخّر يحدث عند فقدان ذلك المقتضي، فنعرف عن هذا الطريق وجود حلقة مفقودة، هي المقتضي في الحقيقة للأثر المطلوب، لا هذا الذي يسمّى بالمقتضي، وإنّما هذا موجد لذلك المقتضي، والمفروض هو الفراغ عن إمكانيّة بقاء الأثر بعد زوال المؤثّر، وذلك بواسطة حافظات اُخرى لذلك الأثر، فإنّه لم يستشكل أحد في بقاء البناء على وضعه الذي بني عليه مدّة مديدة من الزمن بعد زوال البنّاء ولو بحافظيّة قوّة التجاذب مثلا، وإنّما الإشكال في المقام من ناحية الشرط المتأخّر، فيظهر بهذا البيان أنّ الشرط في الحقيقة ليس متأخّراً، وإنّما الدواء أوجد مثلا حرارة معيّنة انحفظت بعد انتهاء الدواء مثلا بجاذبيّة البدن، أو أيّ عامل آخر، فبقيت إلى زمان الشرط المتأخّر، فأثّرت أثرها، والآمر إنّما أمر بشرب الدواء طبعاً لا بتلك الحلقة المفقودة غير المحدّدة بحسب عالم الإثبات، وغير الداخلة بالمباشرة في اختيار المكلّف.

هذا تصوير للمطلب معقول ومطابق للواقع الخارجيّ في القضايا المادّيّة المحسوسة، فليكن الأمر التعبّديّ المولويّ بالصوم مع اشتراط الغسل في الليل من هذا القبيل.