المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

363

الشرط المتقدّم:

وأمّا المقام الثالث: وهو في الشرط المتقدّم. فذكر صاحب الكفاية (رحمه الله): أنّ حاله حال الشرط المتأخّر، فإنّ العلّة بتمام أجزائها يجب أن تكون مقارنة للمعلول، لا متأخّرة ولا متقدّمة، فلو تقدّم بعض أجزاء العلّة ثُمّ أثّر بعد انقضائه، كان معنى ذلك: تأثير المعدوم في الموجود(1).

أقول: إنّ حلّ المطلب هو ما عرفته: من أنّه إذا تكلّمنا بلحاظ ذات الواجب، فالشرط إنّما هو بمعنى تحصيص المفهوم، وإذا تكلّمنا بلحاظ الملاك، فهناك حلقة مفقودة يوجدها الشرط وتبقى لكي تكمّل التأثير عند اقترانه بالواجب. هذا.

والأصحاب لم يلتزموا باستحالة الشرط المتقدّم حتّى من التزم منهم باستحالة الشرط المتأخّر؛ وذلك لأوضحيّة الوجدان العرفيّ هنا في الإمكان، وكثرة أمثلته العرفيّة، ولكن في نفس الوقت يُرى: أنّ كلام المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) كلام برهانيّ متين، وهو: أنّ العلّة بكلّ أجزائها كما لا يجوز تأخّرها عن المعلول كذلك لا يجوز تقدّمها عليه، ولهذا صار المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) وتبعه السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ بصدد الجمع بين هذا الوجدان وذاك البرهان بدعوى: أنّ الشرط ليس دائماً مؤثّراً، فهو على قسمين: شرط مؤثّر، وشرط غير مؤثّر، وهي المقدّمات الإعداديّة، والمستحيل تقدّمه إنّما هو الأوّل دون الثاني، فقد ذكر المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله): أنّ الشرط قد يكون متمّماً لفاعليّة الفاعل، أو قابليّة القابل، وهذا ما يسمّى بالشرط المؤثّر، ولا يجوز تقدّمه، وقد لا يكون متمّماً لفاعليّة الفاعل،



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 145 بحسب الطبعة المشتملة في الحاشية على تعليقات المشكينيّ.