المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

364

ولا لقابليّة القابل، وإنّما دوره هو تقريب الشيء من الامتناع نحو الإمكان، فإذا صار ممكناً ووجدت بعد ذلك علّته، صار موجوداً، وهذا ما يسمّى بالمقدّمات الإعداديّة، فمن يريد أن يجلس على كرسيّ بعيد عنه يخطو خطوات إلى أن يصل إلى الكرسيّ، فيجلس عليه، فهذه الخطوات شرط متقدّم في تحقّق الجلوس على الكرسيّ، لا بمعنى إضفاء قوّة على الإنسان، وتكميل لفاعليّته، بل هو صحيح قويّ قادر على الجلوس، ولا بمعنى جعل الكرسيّ قابلا للجلوس عليه وتتميمه من هذه الناحية، فإنّ الكرسيّ قد صنعه النجّار بالشكل الكامل والتامّ في قابليّته، بل بمعنى: أنّ جلوسه على الكرسيّ مستحيل في حالة بعده عنه، فهذه الخطوات تقرّب الجلوس من الاستحالة إلى الإمكان، فيجلس(1).

أقول: إنّ هذا الكلام وإن كان مشتهراً عند الحكماء، لكنّه لا يرجع إلى محصّل ما لم يُرجع إلى كلامنا، فإنّه: إن اُريد بتقريب الشيء من الامتناع إلى الإمكان التقريب من الامتناع الذاتيّ إلى الإمكان الذاتيّ، فمن الواضح: أنّ الممتنع بالذات كاجتماع النقيضين يستحيل أن يصبح ممكنناً، فإنّه خلف كون امتناعه ذاتيّاً، وإن اُريد به تقريبه من الامتناع الغيريّ، أي: امتناعه بعدم علّته إلى الإمكان الذي هو في مقابل الامتناع الغيريّ، فمن المعلوم: أنّ هذا لا يعقل إلّا بتقريبه إلى علّته، وذلك بأن يكون هذا الشرط دخيلا في علّته، فبوجوده يقترب الشيء إلى الإمكان



(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 32 ـ 36 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، وراجع المحاضرات، ج 2، ص 305 ـ 306 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

ولا يخفى: أنّهما لم يجعلا المقدّمة الإعداديّة قسيماً لمتمّم فاعليّة الفاعل، ومتمّم قابليّة القابل، بل التقسيم إلى المؤثّر والمقدّمة الإعداديّة في كلامهما تقسيم في عرض التقسيم إلى متمّم فاعليّة الفاعل ومتمّم قابليّة القابل.