المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

370

فلنتتبّع كلّ مرحلة من هذه المراحل؛ لنرى في أيّ واحدة منها أنّ المشروطيّة أمرٌ معقول، أو لا؟

أمّا المرحلة الاُولى: وهي مرحلة الملاك، فلا إشكال في معقوليّة كونه مشروطاً؛ فإنّ الملاك عبارة اُخرى عن الاحتياج، ومن الواضح: أنّ الإنسان قد يكون محتاجاً إلى شيء مطلقاً من ناحية شيء آخر،أي: غير منوط به، كاحتياجه إلى الهواء مطلقاً من ناحية الشتاء أو الصيف مثلا، أي: غير منوط بمجيء الشتاء أو الصيف، وقد يكون محتاجاً إليه منوطاً بشيء آخر ومقيّداً به، كاحتياجه إلى النار منوطاً بالشتاء وبرودة الهواء، فالأوّل هو المطلق، والثاني هو المشروط.

وأمّا المرحلة الثانية: وهي الإرادة والشوق، فلا إشكال ولا ريب في الجملة في أنّ إرادة الشيء قد تكون منوطة بشيء آخر، وقد لا تكون منوطة به، فمثلا إرادة الطعام والماء غير منوطة بالمرض، بينما إرادة الدواء منوطة بالمرض، وإنّما الكلام والنزاع في تكييف هذه الإرادة المنوطة بعد الفراغ عن أصل وجودها، فهناك نظريّات وتخريجات لتفسير ذلك:

النظريّة الاُولى: هي النظريّة المنسوبة إلى تقرير الشيخ الأعظم(قدس سره)(1)، وتظهر من المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله)(2) والسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ(3) متابعته، وهي: أنّ الإرادتين كلتاهما فعليّة، وإنّما الفرق في متعلّق الإرادة، فالقيد راجع إلى المراد، فالإنسان يريد الطعام مطلقاً لكنّه يريد الدواء المقيّد بكونه في حال المرض، ولا يريد الدواء المطلق.



(1) رأيتها في كتاب المحاضرات للفيّاض، ج 2، ص 324 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف، وفي غيره أيضاً.

(2) لم أرها في الكفاية.

(3) راجع المحاضرات للفيّاض، المصدر السابق الذكر، ص 325، وراجع أيضاً أجود التقريرات، ج 1، الطبعة المشتملة على تعليق السيّد الخوئيّ (رحمه الله)، ص 325، تحت الخطّ.